إذا كنت تمتلكين طفلاً مشاكساً وعنيداً لا يمكنك مجاراته أو التغلّب على أفعاله، فحتماً يتسبب ذلك بإزعاج شديد لك ولوالده، خاصة أمام الآخرين، لعدم القدرة على السيطرة عليه أو التحكّم في رغباته، لكن هناك أسباباً خفية وراء هذا العناد تدفعه إلى ارتكاب أفعال، أو الإصرار على نيل أشياء معيّنة، وهنا لا بد من معرفة تلك العوامل، ومحاولة التوصل لعلاج سليم يخلّصك من مشاكسة طفلك. نتائج مثيرة كشفت عنها دراسة علمية حديثة ربطت بين موهبة الطفل وقدرته على العناد والمشاكسة، إذ ثبت للباحثين القائمين على الدراسة أنّ الأطفال الموهوبين مصابون بمتلازمة فرط النشاط والحركة أو المشاكل السلوكية، بسبب امتلاك ما يسمى الحساسية الحسية، ما يجعلهم أطفالاً غير متعاونين. ووجد الباحثون المشرفون على الدراسة أنّ هذه النوعية من الأطفال تتأثر بالضجيج في الفصول الدراسية، أو يتصرفون بانزعاج من وميض إضاءة الفلورسنت، وقد يشتكون من رقعة معلومات الثياب على القمصان، أو حافة خياطة الجوارب أو الروائح "السيئة"، أو بعض أنواع الطعام، ويمتلكون طاقة بلا حدود. تقول "منال إسماعيل- ربة منزل": "لا أستطيع السيطرة على ابني الصغير (محمد)، فهو دائماً ما يتمسك بأشياء معيّنة وأحاول منعه منها ولا أقدر على ذلك، فهو يمتلك قدرة كبيرة على العناد يسخّر لها أساليبه المختلفة من الصراخ والامتناع عن الطعام، فأضطر للاستجابة له، وأحياناً يقوم بفعل شيء معيّن لمجرد أنْ يخالف تعليماتي له بعدم فعله، والعقاب لا يجدي معه نفعاً". وتقول "شيماء يوسف- ربة منزل" أم لطفلة واحدة: "جومانة لديها طاقة من العند لا أستطيع احتمالها، ولا تخشى أبداً من العقاب الذي تواجهه عقب كل فعل ممنوع، فمثلاً أوصيها دائماً بعدم التدخل في أحاديث الكبار لكنها تخالف ذلك وتجلس وتستمع إليهم، وفي كل مرة أعاقبها بالضرب لكنها لا تتوقف، وأواجه معها مشكلة أخرى وهي الرد الدائم على أيّ شيء أقوله لها، ومحاولة التملّص من فعله، لدرجة أنني أصاب بصداع شديد من كثرة الصراخ عليها". يوضّح هنا "الدكتور سعيد صادق- أستاذ علم الاجتماع" أنّ هناك عوامل تجعل الطفل يتصف بالعناد، أهمها: 1ـ اختبار الأهل فالطفل يضع والديه في اختبار لاكتشاف ماذا سيفعلان حال تمسكه ببعض الأشياء، وهل سيستجيبان له أم لا، ليتبيّن المساحة التي يفرض فيها رأيه دون عقاب. 2ـ السيطرة معظم الأطفال لا يحبذون فكرة التحكم فيهم وإجبارهم على القيام بأفعال معيّنة، أو تناول أطعمة محددة، أو تحديد ملابسهم، لذلك يلجؤون إلى العناد لفرض رأيهم وتحقيق ما يجول بعقلهم. 3ـ الثقة يثق الأطفال أنّ أساليب ضغطهم على الوالدين سوف تُجدي نفعاً، لذلك يتمادون في الصراخ أو الرفض أو الامتناع عن الطعام أو النوم، ما يمس الجانب العاطفي عند الأهل فيرضخون لمطالب أبنائهم. 4ـ التقليد يستمد الأطفال كثيراً من الصفات من الكبار، لأنهم قدوة ويفعلون مثلهم، لذلك فإنّ رؤيته أحد المحيطين وهم ينتهجون أسلوب العناد يدفعه ذلك إلى الرغبة في التشبه بهم وتقليدهم.. وإليكِ منهج مبسط للتعامل مع الطفل العنيد يتضمن: ـ المرونة في التعامل: الحرص على التوازن بين الرفض أو القبول لسلوك الطفل، فلا يتم إرضاؤه بصورة كاملة، ما يساعده على التمادي في ذلك، وأيضاً لا يتم الرفض القاطع فتزداد لديه القدرة على العناد. ـ العقاب والمكافأة: لا بد من تحديد أساليب معيّنة للعقاب، بعيداً عن الصراخ أو العنف، لأنه لن يفيد، واعتماد أسلوب الحرمان من شيء يحبه في حالة الرغبة في العقاب، وكذلك يجب مكافأة الطفل عند التزامه بالتعليمات وعدم اللجوء إلى المشاكسة كشراء لعبة يفضّلها أو طعام يحبه. ـ التمويه: ويكون بصرف نظر الطفل عن الشيء الذي يتمسك به بشيء آخر، وهنا قد ينسى الطفل ما كان يدفعه إلى الصراخ أو العناد وهذا أسلوب جيد للتعامل معه.