رحلة رندة مرعشلي في الحياة حتى 21 أكتوبر
  • Posted on

رحلة رندة مرعشلي في الحياة حتى 21 أكتوبر

عقدان ونيّف من نجومية لم يحدّها حد، ولم يقف في وجهها منافس، ولا حاول إفشالها أحد، من كون النجمة التي كانت تتألّق محبوبةً لدى الجميع ويُنظر لها على أنّها طفلة مدللة عند الكل، عقدان لم يوقف زحفها نحو الأعالي إلّا مرض عضال، ولم يوقف شهيقها وزفيرها نحو الأحلام التي كانت مؤجلة سوى الموت.إنّه الحادي والعشرون من أكتوبر، وها هو يسجّل في أرشيفه ضحية من عيار الجمال والطيب والإنسانية، ويعصف بـ"رندة مرعشلي" التي عشقها كل من جاورها، وكل من التقاها، وكل من شاهدها على الشاشة.نجمة بعمر الـ42 عاماً تقول وداعاً، في مرحلة كانت تعلن فيها أنّها في تحسّن مستمر وبأنّها عائدة للتألّق والجمهور من جديد.اليوم كان دفنها في مسقط رأسها "وادي العيون" وبكاها الزملاء والأصدقاء، منذ إخراج جثمانها من مستشفى الطلياني الذي مكثت فيه أسبوعين من الزمن، تحوّل خلالهما المستشفى إلى ملتقى لكل الأحبة والمحبين.ولدت رندة في وادي العيون في العام 1973 وتوجّهت إلى الفن في سن مبكرة حتى اشتغلت في التمثيل، وحصلت منذ سنواتها الأولى على أدوار رئيسة ومؤثرة وأبرزها في المأثرة السورية الخالدة "حمام القيشاني"، حيث اختارها المخرج المبدع الراحل هاني الروماني لأداء دور يسمح لها بأن تخط طريقها إلى النجومية.اشتهرت باسمها رندة، وبكنيتها "مرعشلي" نتيجة زواجها من النجم طارق مرعشلي، وأنجبت منه "هيا" التي أصبحت اليوم ممثّلة ينظر لها على أنّها تسير على خطى والدتها.وجاء انفصالها عن طارق ليجعلها تخرج إلى البحث عن حياة أخرى ليتأخر زواجها الثاني لسنوات، قبل أن تلتقي بخبير التجميل "نورس عبود" وتقترن به زوجة تحلم بالكثير.رعاها نورس وأطلق يدها في كل ما تشاؤه في الحياة، وقرّر أن تكون مفاتيح الأمور بيدها، لأنّه خَبِر فيها إنسانة خاضت معارك في الحياة لا يخوضها الرجل أحياناً.واستمرت كذلك وأصبحت الخيار المؤثر في حسابات أي مخرج وبأدوار بطولة، سواء في سورية أو خارجها، فتألّقت في لبنان والأردن ومصر وكذلك في الخليج، حتى وصلت إلى مرحلة النضج النجومي، وباتت المزاحمة الأولى على لقبين في وقت واحد: لقب نجمة سورية الأولى، ولقب ملكة جمال الممثلات السوريات.لقبان ستنافس عليهما بقوة، فمن يستطيع إيقاف هذا الزحف نحو الأعالي؟ إنّه المرض! السرطان حصراً، وقد أصاب ثديها قبل ثلاث سنوات، وانتقل بعد ذلك إلى الكبد، ليبعدها عن المشهد نهائياً، ويجعل أكبر أحلامها في الحياة أن تعود لتعيش كغيرها من الناس سليمة معافاة.وبدأت بالعلاج، وبشكل مركّز، وتارةً تنجح الجرعة وتارةً تتأخر، حتى انفرجت الأمور عليها قبل أشهر، وأعلنت عن عودة من جديد، بحكم تقارير طبية تقول إنّها تتماثل للشفاء.حاورناها في "روتانا" مطلع الشهر الجاري ونقلنا عنها ارتياحها للحالة الصحية، وأبدت عزيمة في التحدّي وأخبرتنا أنّها بحالة جيدة وأنّها أنجزت ثلاثية في مسلسل "مدرسة الحب" وتلعب فيه دور بطولة، وبأنّها ستعود بشكل تام للتألّق والجمهور.لكن ما هي إلّا أيام قليلة حتى كان الخبر بأنّ رندة دخلت العناية الفائقة في مستشفى الطلياني بدمشق وبأنّ حالتها في تدهور، فتواصلنا مع زوجها نورس عبود الذي نقل لنا صعوبة الحالة وشخّص خطورتها بقوله: "مجرّد أن نذكر كلمة سرطان فهذا يعني أنّ الخطر موجود"، مؤكّداً أنّ هناك محاولات حثيثة لنقلها للخارج لكن الأجوبة لم تكن مشجّعة، وكانت نبرة صوته توحي بأنّ الأمور منتهية ومعلّقة بيد الله سبحانه وتعالى.حتى الأمس، ومساء، وعلى غفلة من التوقعات العامة، أذيع نبأ وفاة واحدة من أجمل وأطيب وأعذب بنات الدراما السورية، التي بكاها من لم يبك ميتاً في الفن من قبل.نعم توفيت رندة مرعشلي، لكن بعد أيام قليلة على تقليدها لقب عضو شرف في نقابة الفنانين باستثناء أصدرته النقابة تحقيقاً لحلم كان يراودها بأن تحصل على عضوية النقابة في يوم من الأيام.وعلمنا من مصادر عائلية أنّ مجلسي عزاء سيقامان لها، الأول في قريتها "وادي العيون"، حيث الأهل وأهالي القرية، والثاني في دمشق "دار السعادة" بعد يومين من الآن ليشارك فيه نجوم الدراما والسينما والمسرح، وأهل الثقافة في المجتمع السوري، وكذلك الجمهور العاشق للفن، فضلاً عن الصحافة والإعلام في سورية.