حملة في أمريكا الوسطى لحماية السلاحف النادرة
  • Posted on

حملة في أمريكا الوسطى لحماية السلاحف النادرة

استوطنت أربع من أصل سبعة أنواع من السلاحف البحرية المعروفة في المنطقة الساحلية من السلفادور، التي يقدر طولها بـ330 ألف كيلومتر واتخذتها مكاناً آمناً لإقامة أعشاشها.هذا ما جعل من البلد الواقع في أمريكا الوسطى ثاني أهم دول العالم بعد المكسيك في جهود الحفاظ على هذه الأنواع من البرمائيات.لذا تضافرت جهود الحكومة السلفادورية والمنظمات المعنية بالحفاظ على البيئة، على حد سواء، من أجل حماية السلاحف البحرية، التي تلعب دوراً محورياً في الحفاظ على التوازن البيئيّ في الشواطئ. ولهذا السبب يطلق عليها المتخصصون لقب "بستانيّ البحر".وتشير الإحصاءات الرسمية لوزارة البيئة والموارد الطبيعية في السلفادور إلى أنّ سواحل البلاد تستقبل أربعة أنواع من السلاحف المهددة بالانقراض بينها السلاحف صقرية الخطم وسلحفاة المحيط جلدية الظهر وسلحفاة ردلي الزيتونية.والسلحفاة صقرية الخطم وسلحفاة المحيط جلدية الظهر على وجه الخصوص في وضع حرج للغاية على الصعيد الدوليّ.حيث يقدر أنّ ما بين 200 و300 أنثى من نوع السلحفاة صقرية الخطم تنتقل عبر الساحل من المكسيك إلى بيرو.وتتركز 50% من الأعشاش التي تقيمها هذه السلاحف على بعد نحو 37 كيلومتراً من شواطئ محمية تشيريجوالتيكي-خيكيليسكو في السلفادور.وتعد السلحفاة صقرية الخطم على وجه الخصوص أكثر أنواع السلاحف عرضة لخطر الانقراض، حيث إنّ صدفة السلحفاة تستخدم في صناعة الحليّ التي لا تحتوي على أحجار كريمة، بالإضافة إلى بعض أدوات الزينة. وفي السلفادور، تم إطلاق حملات توعية تحث المواطنين على الامتناع عن شراء النظارات التي تصنع إطاراتها من أصداف هذا النوع من السلاحف، أو حتى النسخ المقلدة منها.وأوضح خورخي أوفييدو، مدير صندوق مبادرة الأمريكتين لـوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، أنّ أهمية السلحفاة البحرية تكمن في أنها جزء من توازن بيئي في الشواطئ، قائلا "تتغذى بعض أنواع (هذه البرمائيات) على قناديل البحر، التي إذا زاد عددها، قد تتسبب في عرقلة تطوير الأنشطة السياحية على الشواطئ".وتكتسب الشواطئ السلفادورية "شهرة عالمية" بفضل الأمواج التي تتمتع بها، ما يسمح لعشاق المغامرة بممارسة رياضة ركوب الأمواج. ويتوافد على منطقة "التونكو" الواقعة في إقليم لاليبرتاد بوسط السلفادور ممارسو ركوب الأمواج، المعروفة أيضا بـ"الركمجة" من مختلف بقاع العالم ويقيمون في الفنادق الصغيرة، ما أدى إلى انتعاش التجارة والمطاعم في المنطقة.ويؤكد وزير السياحة، نابوليون دوارتي، "التونكو هو أحد أعمدة التنمية السياحية".وعلى صعيد آخر، يشير أوفييدو إلى أن "بستانيّ البحر" تتغذى كذلك على الطحالب البحرية، وهو ما يؤدّي إلى تناقص أعدادها ومساحتها، ما يسمح للأسماك صغيرة الحجم والملونة بالتكاثر بصورة أكبر، وهو الأمر الذي يجذب عشاق الغوص.ويقول أوفيدو "أهمية الحفاظ على هذا التوازن لا تكمن فقط في أنّ السلاحف حيوانات محببة، وإنما الحقيقة هي أننا بالحفاظ على السلاحف ننقذ الصيد والأنواع المهمة تجارياً"، موضحاً أن ّهذا يساعد على انتعاش الاقتصاد الوطنيّ لبلد فقير مثل السلفادور.وفي ضوء تفضيل السلاحف للشواطئ السلفادورية لإقامة أعشاشها، فرضت سلطات البلد الواقع في أمريكا الوسطى حظراً كاملاً ودائماً منذ عام 2009 على استخدام بيض هذه البرمائيات المهددة بالانقراض ولحومها ودمائها وكذلك عظامها وتلك المحنطة والمنتجات المصنوعة من صدف السلاحف البحرية.وفقا لنستور ايريرا، المدير السابق لهيئة "الحياة البرية" التابعة لوزارة البيئة والموارد الطبيعية، فإنّ استهلاك المنتجات المصنوعة من صدف السلاحف المهددة بالانقراض هو أحد الأسباب الذي يجعلها عرضة للصيد، لكن إضافة إلى هذا هناك أيضا استخدام الصيادين السنانير الخطافية، التي قد تعلق عن طريق الخطأ في صدفتها.وأوضح "في الكثير من الأحيان تعلق السلاحف في تلك السنانير الخطافية، ويفضل الصيادون إنقاذ معداتهم بدلاً من إنقاذ السلحفاة التي تتعرض لإصابات نتيجة انتزاع السنانير".ووفقا لسيلينا دوينياس، إحدى العاملات بوزارة البيئة والموارد الطبيعية في السلفادور، فإنّ التغييرات التي تطرأ على الشواطئ التي تقيم فيها السلاحف البحرية أعشاشها إما بفعل الإنسان أو نتيجة عبث حيوانات برية وكلاب بها تبرز من بين المشكلات التي تواجه هذه البرمائيات المهددة بالانقراض.وفي هذا الصدد، أوضح أوفييدو أنّ الحظر الذي فرضته السلطات السلفادورية مكّن العديد من المنظمات والهيئات الحكومية- ومن بينها وزارة البيئة ووكالة المعونة الأمريكية وصندوق مبادرة الأمريكتين- بالتدخل للعمل على دعم تطبيقه، وإحدى النقاط المهمة التي يتضمنها الحظر تعزيز حملة لتوعية تسعى لتوصيل رسالة للمواطنين شعارها: "فلنتوقف عن القضاء على مستقبلنا، فلنمتنع عن تناول بيض السلاحف، فلنعتنِ بهذه الحيوانات".ويتم تطبيق العديد من الاستراتيجيات في السلفادور منذ نحو أكثر من أربعين عاماً للحفاظ على السلاحف البحرية، تتمثل إحداها في توعية الأشخاص الذين يقومون بتربية السلاحف البرمائية، كي يكفوا عن بيع بيض هذه الحيوانات، وهي الاستراتيجية التي تم تطبيقها مطلع العقد الأول من القرن.وفي إطار الدفاع عن السلاحف البحرية وبهدف تأكيد أهمية رعاية هذا النوع من السلاحف التي تواجه خطر الانقراض، أكد أوفييدو أهمية الزيارة التي تقوم بها شخصيات عالمية إلى السلفادور، مثل فابيان كوستو، عالم المحيطات وحفيد الغطاس والمصور وخبير التصوير السينمائي تحت سطح البحر، الفرنسيّ جاك إيف كوستو (11 يونيو 1910-25 يونيو 1997).وأشار كوستو إلى وجود الكثير من الأسباب التي تدفع لحماية أنواع السلاحف المهددة بالانقراض، "لكنّ الجوهريّ هو التالي: السلاحف البحرية رمز عالميّ، هي التي تتولى تنسيق مهام الحفاظ على صحة المحيط. كما أنّ السلاحف البحرية هي بستانيّ البحر، المسؤولة عن العمل على نظافته. نسعى هنا لاستعادة السلاحف البحرية، وأنْ تصبح عنصر جذب عالمياً للجميع.. إذا تمكنا من استعادة السلاحف، تخيلوا ما الأشياء الأخرى التي نقوم بحمايتها واستعادتها؟!".وبهدف استعادة السلاحف البحرية المهددة بالانقراض والحفاظ عليها، وقعت منظمات عدة، مثل صندوق مبادرة الأمريكتين، على اتفاقيات مع المعنيين بتربية السلاحف تلزمهم بجمع البيض الذي تضعه هذه الأنواع من البرمائيات ونقله إلى أماكن تتم فيها عملية التفريخ تحت إشرافها حتى فقس وخروج البرمائيات الصغيرة إلى الحياة، وإطلاقها في بيئتها الطبيعية بالبحر.وأضاف مدير صندوق مبادرة الأمريكتين أنّ "هناك مربين للسلاحف منخرطون كذلك في أعمال الحفاظ على الأنواع المهددة بالانقراض، والآن على سبيل المثال تحسن مستوى صيد الأسماك، حيث تم العمل بزوارق جديدة وأدوات صيد تحترم القواعد الملائمة وكتيبات إرشاد سياحيّ محلية مستدامة، كي يتمكن الشباب والرجال والنساء من توعية السكان بأهمية السلاحف البحرية على الشاطئ".ويؤكد أوفييدو أن توعية المواطنين والاتفاقيات المبرمة ساعدت على ازدهار عمل الأشخاص الذين يكرسون جهودهم في جمع بيض السلاحف. فقد عثروا الآن على فرص عمل في الحفاظ على هذه الحيوانات المهددة بالانقراض، و"يدركون أن العمل ليس تناول بيض السلاحف، وإنما القول بأنّ ساحل الشمس مكان يعتني بالسلاحف البحرية".كما أوضح المسؤول أنّ الجهات المعنية أطلقت خلال السنوات الخمس الماضية خمسة ملايين سلحفاة بحرية من الأنواع الأربعة المهددة بالانقراض، خرجت إلى الدنيا مؤخراً، في السواحل السلفادورية.