الهواتف "الذكية" خطر يهدّد الروابط الأسرية
  • Posted on

الهواتف "الذكية" خطر يهدّد الروابط الأسرية

أصبحت الهواتف "الذكية" بما توفره من خدمات التواصل الاجتماعي, مفردة من مفردات الحياة العصرية التي يمثل الاستغناء عنها درباً من الخيال، رغم ما أسهمت فيه من تقطيع للروابط الأسرية واختزال قيم صلة الرحم واقتصارها على الرسائل الإلكترونية أو الجروبات الأسرية التي تُفعّل في الأعياد والمناسبات فقط.فهل أصبحت هذه الأجهزة وما سبقها وسيلة لتقارب المتباعدين وطمس المسافات بينهم، أم وسيلة لتباعد المقربين؟في هذا الإطار يقول الدكتور عبدالله رشاد أستاذ الاجتماع بجامعة الأزهر، إن ما استجد من وسائل تكنولوجية حديثة من بينها أجهزة المحمول الذكية، والتي استطاعت أن تكمل ما بدأته غيرها من الأجهزة من توسيع الهوة بين أفراد العائلة الواحدة، إلى أن امتد الأمر لنطاق الأسرة الواحدة، فقد أصبح بعض أفراد الأسرة تجمعهم غرفة واحدة، ولكن كل منهم يعيش عالمه الخاص به من خلال هاتفه الذكي. وكان من الواجب أن تكون العلاقات الاجتماعية مباشرة، حتى تتحقق قيم الود والتراحم والتعاطف، وهو ما لا يتحقق عبر الرسائل أو "الجروبات " الإلكترونية، لأنها وسائل صامتة خالية من الحميمية والمشاعر الدافئة، بل إنها على العكس ساهمت في إضعاف العلاقات الإنسانية، وانحرفت بالوصايا الشرعية الداعية لصلة الرحم والتواصل بين المسلمين. وعندما قال الرسول "ص": "مثل المُؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى"، كان يؤصل لقيمة الترابط التي تصل إلى حد التلاحم في قوله كالجسد الواحد، من ثم اختصار العلاقات على المناسبات فقط، أو من خلال إرسال تهنئة عبر إحدى وسائل التواصل، ما يمثل التفكيك والتقطيع للعلاقات. وأضاف أن التمرد على ما تكرسه التكنولوجية الحديثة من سلبيات خاصة في ما يتعلق بالعلاقات والروابط العائلية بات أمراً مهماً، يحتاج إلى وعي ودور تنويري ودعوي يُحفز الناس على إحياء قيم صلة الرحم بمفهومها الحقيقي، واقتصار دور التكنولوجيا على مجال العمل والعلاقات الخاصة بالأفراد. وتتفق معه في الرأي الدكتورة نعمة عوض الله "مستشار أسري"، مؤكدًة أنه لا أحد يستطيع أن يُنكر الفوائد الجمة لمواقع التواصل الاجتماعي والوسائل التكنولوجية في طمس المسافات البعيدة وإحياء علاقات كادت تموت لولا التواصل عبرها، ولكنها في المقابل أثرت بشكل كبير على العلاقات العائلية، سواء على نطاق العائلة أو على نطاق الأسرة، وأنه مهما حملت الرسائل من عبارات جميلة، فإنها تظل مفتقدة لروح الألفة والود الذي يحدث عند اللقاءات الحية التي تتخللها الابتسامات الصافية والأحضان الدافئة. والخطورة تكمن في الأجيال الجديدة صاحبة الولع الأكبر بهذه المستجدات، لأنها الأكثر تأثراً بما تكرسه هذه المستجدات من إضعاف للروابط الأسرية، وهذا الأمر يحتاج إلى تفعيل الدور التربوي للأسرة وللمدرسة والجامعة أيضاً من خلال توعية الأبناء بضرورة التواصل الفعلي والمباشر مع الآخرين، وخاصة أفراد العائلة لما له من دور في تقوية الروابط بينهم، بما يعود على كل فرد بالنفع.