الناجح يرفع إيده!
  • Posted on

الناجح يرفع إيده!

أكتب هذه المقالة بعد عودتي مباشرة من حفل تخرج طالبات ثانوية عامة سعدت بتكريمهن فيه، عادة لا أرفض إطلاقاً أي دعوة توجه لي من قبل طلبة أو طالبات، أشعر بضعف عاطفي شديد تجاههم، وأرى أن هذا جزء من دوري في العمل وفي الحياة وفي اهتماماتي الخاصة والعامة.طلبة وطالبات الثانوية العامة بالذات أشعر بتعاطف شديد معهم، وأكاد أحس بدقات قلوبهم ورجفات أيديهم الخفية قبل وأثناء وبعد الامتحانات، كلما رأيت طالباً أو طالبة يستعد لامتحانات الثانوية العامة استحضرت الذكريات الدراسية في تلك المرحلة، وعاودني الرعب القديم الذي كان يتراءى لي فيها في صحوي وفي منامي، خوفاً من النتائج. غالبنا مر بهذه الفترة المصيرية في حياته، وكل من مر بها رأى أنها في ذلك الوقت تمثل له نهاية الطريق الطويل وذروة الدراسة رغم أنها بالكاد كانت البداية، تطلعاتنا كلها معلقة بتلك اللحظة التي نرى فيها أسماءنا في سجلات الناجحين، فلا نكاد نشعر بقليل من الراحة إلا بعد أن نتأكد من حصولنا على نسبة تؤهلنا لعبور البوابة السحرية التي تسمى "الجامعة". ربما تغيرت اهتمامات الطلبة والطالبات عن اهتمامات جيلي لكن بالتأكيد القلق واحد والتطلعات واحدة ورجفة اليدين والقلب واحدة، وتلك الدوائر السوداء ما زالت ترتسم حول العيون بعد سهر الليالي في الدراسة والمذاكرة والقلق والشعور بالندم أحياناً على ما فات، والبكاء الخفي الذي يكاد يخنقنا كلما تذكرنا أن الوقت المتاح أمامنا للدراسة قليل مقارنة بطول المنهج الدراسي فنأسى على ما ضيعناه من أيامنا.هل ما زال الطلبة والطالبات يستشعرون ذلك؟ لا أدري، لكن عيون الباندا ما زالت موجودة، رصدتها في حفل الطالبات الذي حضرته أخيراً رغم اجتهاد الطالبات في إخفاء الدوائر السوداء حول عيونهن بطبقات من مساحيق التجميل لا تناسب أعمارهن الفتية، كنت أود لو قلت لهن اتركن تلك الدوائر على حالها فهي لن تحجب جمالكن الغض بقدر ما تؤججه وتؤكده، ففي بؤرة كل دائرة سوداء أو رمادية بفعل المساحيق تلمع عين رغم إرهاق السهر، بطموح عذب وتطلعات لا محدودة، وأحلام كثير منها مستحيل تحقيقه لكنها أحلام المراهقين والشباب، ووقود الحياة المقبلة بحلوها ومرها. ماذا تحقق من أحلامي المستحيلة تلك؟ سألت نفسي ذلك السؤال وأنا ألتقط صور "السيلفي" مع الطالبات الخريجات محاطة بابتساماتهن الندية وزغاريد أمهاتهن العذبة وأنغام الموسيقى الصادحة بأغنية عبدالحليم حافظ التي رافقت كل النجاحات؛ "مفيش فرحان زي الفرحان بنجاحه"، ولم أنشغل كثيراً بالإجابة، فقد وجدت نفسي أقفز مع الجمع حولي رافعة يدي بحماسة غامرة عندما أمرنا عبدالحليم: الناجح يرفع إيده.. هيه!