لماذا رفض مجلس الشورى مشروع الوحدة الوطنية؟
  • Posted on

لماذا رفض مجلس الشورى مشروع الوحدة الوطنية؟

أثار رفض مجلس الشورى خلال الجلسة العادية الـ 48 التي عقدها نهاية شعبان الماضي وعدم موافقته على ملاءمة دراسة عدد من المشروعات المقترحة لنظام حماية الوحدة الوطنية والمحافظة عليها، حفيظة عدد من المهتمين والكتاب خلال الأيام الماضية، ما استدعانا لمناقشة ما جاء في الدراسة المقدمة، وبيان صلاحيتها من عدمه.كانت لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية قد أوصت في تقريرها بملاءمة دراسة المقترحات، حيث رأت أهمية منح الموضوع حقه من الدراسة وإخضاعه لمزيد من التتبع والاستقصاء، مشيرة إلى أن الوحدة الوطنية ركيزة أساسية من ركائز أي مجتمع وضرورة أساسية ومطلب مهم يقاس في ضوئه انسجام المجتمع وسكينته وتقدمه وقدرته على تحقيق حالة من الوفاق والانسجام بين أفراده.ولفتت اللجنة في رأيها إلى أن الاختلاف والتنوع الفكري وتعدد المذاهب والأطياف واختلاف الأفكار والطروحات حقيقة موجودة تحتاج إلى استراتيجية للتعامل معها وتوجيهها الوجهة السليمة التي تخدم أهداف البلاد وثوابتها وقيمها الشرعية بعيداً عن التنافر والخلاف ووحشة القلوب وإساءة الظن بالآخر.وجاء رفض المجلس تحت مبرر أن النظام الأساسي للحكم في أكثر من خمس مواد يغطّي ما جاء في المشروع المقترح، إضافة إلى بقية الأنظمة الموجودة، كما أن هناك دراسة أخرى أجرتها إدارة المستشارين القانونين في المجلس، وتوصلوا إلى عدم وجود حاجة إليه، وأن المواد متحققة في النظام الأساسي للحكم، ونظام الجرائم المعلوماتية، ونظام المطبوعات والنشر، كل البنود المقدمة موجودة في هذه الأنظمة، فإن المادة الثالثة من نظام الحكم تنص على ما يلي: "فيما عدا ما تُقَرره شرعاً والحقوق الخاصة بالمواطنين السعوديين التي تقررها الأنظمة، يُحظر التمييز بين الناس في الحقوق والواجبات العامة بسبب العرق أو اللون أو النسب أو الجنس أو الدين، أو الأصل أو المكانة الاجتماعية، أو الانتماء القبلي أو الطائفي أو المذهبي"، ويتضح من ذلك أن النظام الأساسي للحكم في السعودية يحتكم إلى الإسلام وليس للمذهب كما هو الحال في بعض الدول المجاورة.كما أن في المقترح المُقَدّم مواد من الاتفاقيات الدولية التي تَحَفّظت عليها السعودية، ولم تُوَقّع عليها، ثم إن الدول العربية والإسلامية لا توجد فيها أنظمة خاصة بالوحدة الوطنية؛ بل مواثيق شرف فقط، والكويت أصدرت أخيراً قانوناً يجرّم الكراهية والطائفية، وليس قانون وحدة وطنية بما طالَبَ به المقدمون.من جهة أخرى، يمثل وضع قانون تضييقاً على الناس، كما أنه سيحاسبهم على كل ما يصدر من أقوال وأفعال وإن لم تكن مقصودة، وفيه تضييق على الحريات،وإضافة إلى ذلك يطالب النظام المقدم بعدم التمييز في الحقوق والواجبات على أساس الجنس، وفي هذا تعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية ونظام الأحوال الشخصية؛ بمعنى منح الجنسين نفس الحقوق في كل شيء؛ وذلك يلغي أحكام الإرث والزواج والعدة والنفقة وتعدد الزوجات وغيرها، كما يطالب النظام بعدم التمييز في الحقوق والواجبات على أساس المذهب؛ ما يعني منح الاعتراف للمذهب الشيعي وللصوفية وغيرهما، وهذا الاعتراف يترتب عليه مسائل تشريعية وإجرائية عدة؛ منها على سبيل المثال حق التمثيل في هيئة كبار العلماء، وحق ممارسة شعائرهم في الحرمين وغيرهما مما لا يمكن حصره هنا، ما سيسبب إشكالاً مجتمعياً كبيراً نحن في غنى عنه، خصوصاً مع ما يمر به الوطن وحوله من متغيرات وقلاقل. كما يطالب النظام بعدم التمييز على أساس الفكر، ما يترتب عليه الاعتراف بالملحدين والعلمانيين وغيرهم ممن يتبنى فكراً مخالفاً للإسلام، ومنحهم الاعتراف يترتب عليه رفع العقوبات المقررة شرعاً. وأخيراً استخدام النظام مصطلح التمييز، وهو في حالتهم مصطلح فضفاض لا يمكن ضبطه وتحريره، وسيتم توظيف النظام في أمور عدة تحت حق حظر التمييز، وجميع هذه الأمور وغيرها مما ورد في النظام يتعارض مع النظام الأساس للحكم.يذكر أن رفض المجلس للتوصيات المقدمة جاء بعد مناقشة عدد من الأعضاء ومن ثم طرحها للتصويت أمام أعضاء المجلس حيث وافق عليها 47 عضواً فيما رفضها 74 عضواً.