طلال مداح .. صوت الأرض ورائد الأغنية السعودية
قد تقف الألقاب حائرة في وصف طلال مداح ، فما هو اللقب الذي يعكس عبقريته كما رآها الكبار فهو كما أطلق عليه موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب "زرياب" في إشارة إلى أسطورة الأندلس الغنائية. أما الموسيقار الكبير بليغ حمدي فقد اعتبره واحد من أجمل الأصوات العربية في العصر الحديث، وفنان العرب محمد عبده قال عنه إنه رجل الأغنية السعودية الأول وهو الأصل ونحن نتفرع منه. يبقى طلال مداح "صوت الأرض" الذي ينهل منه الجميع ورائد الحداثة بالأغنية السعودية، وكما قال الأمير محمد بن عبد الله الفيصل آل سعود: "طلال مداح تاريخ". وتاريخ الأغنية السعودية كانت بداياته الفعلية على يد طلال مداح، واشتهرت بفضله رغم محاولات من سبقوه، فكيف صنع طلال مداح تاريخ الأغنية السعودية الحديثة؟ مع نهاية الخمسينيات واتجاه الإذاعة السعودية لتقديم فنون الغناء، قدم "طلال" أول أغنية سجلها للإذاعة وهي "وردك يا زارع الورد"، وتعد أول أغنية عاطفية سعودية، وأول ما لحن طلال مداح، والذي حقق مع هذه الأغنية نجاحا كبيرا بين الجمهور ويعتبر أول فنان تذاع له أغنية عاطفية بالإذاعة السعودية. [vod_video id="FBDby6OuLd5rA7MYuZgKSQ" autoplay="1"] خرج طلال مداح بالأغنية السعودية إلى أفاق أوسع، حيث سافر إلى بيروت لتسجيل أغانيه مع فرقة عبود عبد العال الموسيقية، ثم اعتمد طلال نهج الفرقة فكان أول من قدم فرق موسيقية متكاملة ضمن غناء الجزيرة العربية والخليج. عام 1967 وأثناء تواجده في لبنان اقتحم طلال مجال السينما حتى يقدم فيلما يحقق الانتشار والشهرة له ولفنه السعودي، فالسينما في ذلك الوقت كانت سلاحا قويا، فقدم فيلم "شارع الضباب" مع الفنانة صباح ورشيد علامة، وهو بذلك أول من دخل ميدان الأفلام السينمائية في السعودية. بعد سفره إلى باريس الشرق "لبنان" قرر طلال مداح إنشاء شركة اسطوانات وكوّن شركة "رياض فون" مع الفنان لطفي زيني، ويعد بذلك طلال مداح أول من طبع أُسطوانات داخل المملكة مع سنوات الستينيات. أخذ طلال مداح فكرة تطوير الأغنية السعودية على عاتقه وأراد أن يبتعد عن الشكل التقليدي، واعتمد لأول مرة نمط "الكوبليهات"، وأخذ يلحن كل مقطع من الأغنية بطريقة مختلفة عن المقطع الآخر متأثرا بأسلوب محمد عبد الوهاب، وبدا ذلك واضحا في أغنية "هو حبك" من كلمات أحمد صادق، وهو بذلك أول من طور أسلوب الأغنية السعودية الحديثة. [vod_video id="5QvPRuI63mLdN477XzZzA" autoplay="0"] كانت عين رائد الأغنية السعودية الحديثة على الجمهور العربي كله، وأراد إيصال الأغنية السعودية إلى كل الوطن العربي، ويعد من أوائل المطربين الذين نشروا الأغنية السعودية خارج حدود المملكة، فبعد سفره إلى لبنان وفيلمه السينمائي وحفلاته في لبنان وسوريا اتجه طلال إلى مصر، أطلق أشهر أغانيه "مقادير" مع حضور 40 ألف متفرج في الحفلة التي أقيمت في أحد أكبر نوادي القاهرة. حققت أغنية "مقادير" شعبية هائلة في الوطن العربي وخاصة مصر، حيث تتمتع كلمات الأغنية للمؤلف عبد الله الفيصل، ولحنها لسراج عمر بشجن قريب إلى قلوب المصريين مما ساهم في نجاح طلال مداح في مصر ونجاح الأغنية السعودية معه. وفي نفس العام 1973 قام طلال ببطولة المسلسل التلفزيوني "الأصيل" مع لطفي زيني وحسن دردير وبمشاركة الممثل الكبير محسن سرحان، ومن إخراج ملك الفيديو المصري نور الدمرداش. [vod_video id="VYYh0eryu2rhNmLrhPGw" autoplay="0"] وربما يعود انتشار ونجاح أغاني طلال مداح إلى تعاونه مع ملحنين مختلفين مما أثرى فنه وجعله يصل إلى جمهور متنوع، فبجانب كبار الملحنين السعوديين تعاون الفنان الكبير طلال مداح مع موسيقار الأجيال عبد الوهاب في أغنيه ماذا أقول؟ ومع محمد الموجي في أغنيتين "لي طلب" و"ضايع في المحبة" ومع بليغ حمدي في أغنية "يا قمرنا". لم يتوقف عطاء الفنان القدير على الغناء والتلحين لنفسه فقط بل قدم ألحانا لكثير من النجوم منهم النجمة الكبيرة فايزة أحمد، مع أغنية "فينك وفيني"، و"عبادي الجوهر" في أغنية "يا غزال" و علي عبد الكريم في أغنية "ما غاب الجواب" و عبد المجيد عبدالله "عندك خبر" وغيرهم. عاش صاحب الحنجرة الذهبية يجدد ويطور في الأغنية السعودية ويعطي من روحه لفنه ولجمهوره حتى قدم تحيته الأخيرة للجمهور على مسر ح أبها في 11 أغسطس 2000، ثم لفظ أنفاسه الأخيرة على المسرح ممسكا بالعود إثر تعرضه لأزمة قلبية في حفلة "المفتاحة" في أبها.