بداية متأخرة لإعمار غزة وسط تحديات هائلة بعد عام من الهجوم الإسرائيلي الأخير
يترقب قطاع غزة بدء انطلاقة حقيقية لإعادة إعماره بعد مضي عام كامل على الهجوم الإسرائيلي الأخير عليه وأدى لهدم ألاف المنازل السكنية ودمار واسع في البني التحتية.وحظي 662 فلسطينيا في الثامن من الشهر الجاري بفرصة تسلم كميات من الأسمنت تكفي على الأقل لبناء طابق سكني بديلا عن منازلهم المدمرة كليا في الهجوم الإسرائيلي.وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها توزيع كميات أسمنت لأصحاب المنازل المدمرة كليا بعد عام من انتهاء الهجوم الإسرائيلي لم يشهد سوى ترميم للمنازل المدمرة جزئيا.وأعرب خليل جندية في نهاية الأربعينات من عمره عن سعادته بتمكنه من أول كميات من الاسمنت اللازمة لبناء منزله مجددا بعد أن قاسي على مدار عام من مصاعب النزوح والسكن في منزل للإيجار.وقال جندية إنه حصل على تعويضات مالية تمكنه من شراء الأسمنت، غير أن ما صرف له من مال وما تسلمه من كميات الأسمنت لن يعوضه إلا جزئيا عما فقده عند تدمير منزله.وأوضح أن منزله قبل تدميره كان مكونا من ثلاثة طوابق وما يتم تعويضه حاليا يكفي لبناء طابق واحد، لكنه يشدد على أن ذلك خطوة أفضل بكثير من البقاء نازحا دون مأوى.ويقطن جندية في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة الذي شهد أوسع هجمات دمار خلال الهجوم الإسرائيلي حتى أن مناطق سكنية كاملة ترقد في خراب ودمار كاملين.ويأمل آلاف أمثاله أن تشهد وتيرة إعمار المنازل المدمرة كليا دفعة أكثر جدية خلال المرحلة المقبلة.وأعلن وزير الأشغال العامة والإسكان الفلسطيني مفيد الحساينة أن بدء تسليم كميات أسمنت لأصحاب المنازل المدمرة يشكل دفعة حقيقية لإعمار القطاع.وذكر الحساينة أن توزيع كميات الأسمنت يتم وفقاً للآلية المعتمدة من الأمم المتحدة الناتجة عن حصر الأضرار من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP).وشنت إسرائيل هجوما عسكريا واسع على قطاع غزة في الفترة من 8 تموز/يوليو حتى 26 آب/ أغسطس الماضيين هدم خلاله نحو 18 ألف منزل سكني كليا وعشرات آلاف جزئيا.وتعهدت الدول المانحة خلال مؤتمر عقد في القاهرة برعاية مصرية ونرويجية في 12 تشرين أول/أكتوبر الماضي بجمع مبلغ 5.4 مليار دولار يخصص نصفه لصالح إعادة إعمار قطاع غزة.غير أن منظمات دولية تؤكد أن صرف التزامات الجهات الدولية المانحة لتمويل عمليات إعادة إعمار قطاع غزة لم تتجاوز حتى الآن 27.5 في المئة فقط ما تسبب ببطء شديد في وتيرة الإعمار.كما يشتكى مسؤولون محليون في غزة من أن آلية الأمم المتحدة الخاصة بإعادة الإعمار تتضمن قيودا مشددة بشأن الرقابة على توريد مواد البناء.وبهذا الصدد أكد رئيس اتحاد المقاولين في غزة نبيل أبو معيلق أن استمرار الحصار الإسرائيلي وآلية إعادة الإعمار السبب الرئيس في عدم إحراز تقدم ملحوظ في عملية إعادة الاعمار.وقال أبو معيلق لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن آلية الإعمار سارت منذ أن تم البدء بإعادة إعمار الأضرار الجزئية بوتيرة بطيئة جداً نظراً لأن أولوية اهتمام إسرائيل انحصرت بالجوانب السياسية والأمنية ما أعاق الإعمار.واعتبر أبو معيلق أن الأطراف الدولية الوسيطة لإعادة إعمار غزة فرضت جملة من الإجراءات المعيقة لتسريع وتيرة الإعمار ما يتطلب الاهتمام بالأمور الفنية وإنهاء القيود الإسرائيلية.وكان نحو نصف مليون شخص في قطاع غزة نزحوا خلال الهجوم الإسرائيلي عن منازلهم فيما بقي ما يزيد عن مئة ألف منهم من دون مأوى حتى الآن.وتقول إسرائيل إنها تسمح بتوريد مواد بناء إلى غزة لإعمار المنازل المدمرة لكنها تشترط ضمانات بشأن عدم استخدامها من الجماعات الفلسطينية المسلحة في حفر أنفاق أرضية تؤدي لأراضيها.وأظهر تقرير صادر عن الغرفة التجارية في غزة أن إجمالي ما تم توريده من الأسمنت لإعادة إعمار القطاع لا يتجاوز 135 ألف طن منذ إعلان وقف إطلاق النار وهذه الكمية لا تكفي احتياج غزة لمدة 15 يوما من مادة الاسمنت.ووصف مدير عمليات وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في غزة روبرت تيرنر وتيرة إعمار القطاع بعد عام من بدء الهجوم الإسرائيلي الأخير عليه ب"البطيئة"، متوقعا مع ذلك أن تشهد تقدما خلال الأشهر القادمة.وقال تيرنر للصحافيين في غزة بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لبد الهجوم الإسرائيلي على غزة إن "وتيرة الإعمار بطيئة وأنا أشارك السكان هنا الإحباط الذي يشعرون به حيال هذا الأمر".وأضاف "لكنني أؤمن أننا نتجاوز مرحلة حاسمة وأن تقدما جوهريا سيمكن تحقيقه خلال الأشهر القادمة خاصة مع بدء إعادة إعمار أول دفعة من المنازل المدمرة كليا وهذا أمر طال انتظاره كثيرا".ويأتي التعثر الحاصل في إعمار غزة مع استمرار الانتقادات الفلسطينية الموجهة لحدة الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع للعام الثامن على التوالي.وحسب إحصائيات فلسطينية متخصصة بلغ متوسط عدد الشاحنات اليومية التي تسمح إسرائيل بتوردها إلى قطاع غزة (230) شاحنة خلال النصف الأول من لعام الجاري.وبمقارنة بيانات الشاحنات الواردة خلال النصف الأول للعام الجاري مع النصف الأول للعام الماضي يظهر ارتفاع عدد الشاحنات الواردة بنسبة 51% وارتفاع عدد الشاحنات الواردة للمؤسسات الدولية والعربية العاملة في غزة بنسبة 63%.في المقابل فإن الإحصائيات تظهر أن عدد الشاحنات الصادرة من قطاع غزة إلى الخارج والضفة الغربية لم يتجاوز 530 شاحنة من المنتجات الصناعية والزراعية منذ مطلع العام الجاري.وسبق أن حذرت المنظمات الدولية من أن "الوضع القائم في قطاع غزة غير قابل للتحمل" في ظل أن معدل البطالة في القطاع أضحى الآن الأعلى عالميا بوصوله إلى 43 في المئة، في حين لا يزال 40 في المئة من السكان يقبعون تحت خط الفقر.ويؤكد الناطق الرسمي باسم حركة "حماس" سامي أبو زهري على وجوب العمل الجدي لإنهاء الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة وتسريع وتيرة إعماره لضمان استمرار الهدوء فيه.وقال أبو زهري لـ(د.ب.أ) إنه "بعد عام من الحرب الإسرائيلية على غزة فإن النتيجة التي توصلت لها كل الأطراف هو استحالة إخضاع غزة وهزيمة حماس وضرورة التعامل معها بما يضمن إنهاء الحصار وضمان تثبيت حالة التهدئة".واتهم أبو زهري إسرائيل بالإصرار على الحيلولة دون بدء عملية إعمار حقيقية في قطاع غزة.واعتبر الناطق باسم حماس أن "الرسالة موجهة لكل الأطراف ذات الصلة ضرورة إنهاء الحصار وبدء إعمار حقيقي إذا ما أرادت تلك الأطراف استمرار الهدوء في القطاع ".