الكذب الأبيض ..ضرورة أم نمط حياة ؟
"كذبة بيضاء لا تضر".. عبارة شائعة بين البشر إلى الحد الذي أصبحت نمط حياة لدى الكثيرين، يراها بعضهم ضرورة لتمرير بعض المواقف التي يجب التكتم عليها أو لتحسين العلاقات بالمحيطين بهم؛ وخاصة الرؤساء في العمل أو الأزواج والزوجات في المنازل من خلال بعض المجاملات العابرة. اعتبرت دراسة أمريكية حديثة، نشرت نتائجها مجلة "فوكس نيوز"، أن الكذب الأبيض مفيد في بعض الأحيان في مجال تقوية العلاقات بين البشر، مؤكدة أن تزييف الحقيقة من أجل مراعاة مشاعر الآخرين يكون ضرورياً في بعض المواقف. وأوضحت الدراسة التي أعدتها الخبيرة في العلاقات الاجتماعية لوري بيزوكو ذلك بقولها "عندما تسألك زوجتك عن وزنها وتخبرها بالحقيقة، قد تجرح مشاعرها وينتهي الأمر بخلاف". وحذّرت الدراسة من الكذب في الشؤون المتعلّقة بالأموال، والإدمان، والزيجات السابقة وحتى السوابق الجنائية، معتبرة أن هذا النوع من الكذب قد يعرّض شريك حياتك للانتقاد والسخرية. ورغم نتائج الدراسة، أشارت إلى أن الكذب الأبيض لا يجب أن يكون أساساً لأي علاقة، حيث إن المرء قد يصل لمرحلة لا يستطيع فيها قول الحقيقة. وتقول الدكتورة عزة عبدالرحمن، أستاذ علم الاجتماع وخبيرة العلاقات الإنسانية، إن الصدق هو عماد العلاقات الاجتماعية الناجحة بين البشر سواء العلاقات في العمل والحياة العامة أو العلاقات الزوجية. مؤكدة أن الكذب هو عادة سلبية وسلوك مدمّر لأي علاقة لما يخلقه من مناخ عدم الثقة والشك ضد الشخص الكاذب. معتبرة أن مصطلح الكذبة البيضاء هو محاولة لتهوين الكذب والاستمرار فيه؛ حيث إنه ليس للكذب ألوان ولكن هناك ما يسمى الكذب المباح وهو أمر أجازه الشرع لما يدفعه من ضرر ويحققه من نفع؛ شريطة أن يكون في أضيق الحدود؛ كأن يمدح الزوج زوجته ويتغزّل في حسنها وجمالها ورقتها وإن كانت على غير ذلك؛ لكنه بهذه الكلمات يكسب قلبها ويزيد الود والتفاهم فيما بينهما، ومن أمثلة ذلك الكذب على الأعداء كنوع من المناورة؛ اتقاء شرهم. أما الكذب الذي يكون من أهدافه تحقيق أطماع خاصة كمجاملة الرؤساء في العمل؛ فإن ذلك يعد نوعاً من النفاق ولا يمكن تزييف ذلك بالقول بأنه كذبة بيضاء. مشدّدة على أنه في جميع الأحوال لابد أن يكون الصدق هو منهج حياة لكل البشر والأساس الذي تُبنى عليه كل العلاقات.