قصة ملهمة لبطل مصري.. حرمه الشلل الرباعي من الملاكمة فوصل للعالمية بالسباحة
  • Posted on

قصة ملهمة لبطل مصري.. حرمه الشلل الرباعي من الملاكمة فوصل للعالمية بالسباحة

كلما اقترب من حلمه، يرفع أمامه الواقع لافتة حمراء تمنعه من الاقتراب أكثر، ليزداد عناده وقدرته على تحدي الصعاب، إلى أن فاجأ الجميع بقدرته على الانتصار رغم إصابته بالشلل الرباعي في حادث أليم منعه من الاستمرار في رياضته المفضلة، ليتحول خلال مرحلة العلاج بالصدفة إلى سباح عالمي. عمرو السوهاجي، شاب مصري تعلق بالرياضة منذ الصغر، نجح في إبهار العالم، ومحو كلمة "مستحيل" من قاموس حياته، بدأ رحلته الرياضية كعدّاء في سباقات 100 متر، قبل التحول في مرحلة الشباب لرياضة الملاكمة التي عشقها سريعًا، حيث تتلمذ على يد البطل الأوليمبي المصري محمد علي رضا، صاحب فضية دورة الألعاب الأوليمبية 2004، والذي نقل خبراته للسوهاجي، وتنبأ له بمستقبل باهر في اللعبة التي صنع لها الأسطورة الأمريكي محمد علي كلاي شعبية واسعة بين أرجاء المعمورة. استمر السوهاجي ملاكمًا، وتزامن مع تميزه الرياضي التزامًا دراسيًا ومهنيًا، حيث تخرج في كلية الحقوق بجامعة عين شمس، وعمل بإدارة الشؤون القانونية لميناء القاهرة الجوي، قبل أن يتغير مسار حياته في الأول من أغسطس عام 2010، وهو اليوم الذي شهد حادثًا بالسيارة اللي كانت تقل عمرو وابن خالته كريم صابر وصديقهما الذي كان يقود السيارة بسرعة هائلة تسببت في الحادث. [rotana_image_gallery rig_images_ids="437769,437770,437771"] المُلهم "المجهول" في حياة السوهاجي تسبب الحادث في وفاة كريم، بينما أصيب السوهاجي ذو الـ25 عامًا في ذلك الوقت إصابات بالغة تمثلت في كسور بالرقبة والقفص الصدري، كما أصيبت 5 فقرات بالعمود الفقري، وتعرض لكدمة بالنخاع الشوكي تسببت في إصابته بشلل رباعي أفقده القدرة على الحركة. رغم الإصابات القاسية، واستعداد عمرو السوهاجي لبدء مشوار جديد يحمل تحديات كبيرة في حياته، إلا أن الدافع الأكبر ومصدر الإلهام الأبرز تمثل في رحيل ابن خالته كريم، الذي كان الشخص الأقرب والأكثر تأثيرًا في حياة السوهاجي، كما كان متفوقًا في مشواره الدراسي، حيث أنهى دراسته في كلية الحقوق ضمن الخمسة الأوائل على دفعته، وكان قريبًا من احتلال وظيفة مرموقة بوزارة الخارجية المصرية قبل وفاته في الحادث. يروي "السوهاجي" لـ"روتانا. نت"، أن رحيل كريم منحه المزيد من الإصرار للتقدم نحو مستقبل مشرق كما كان يسعى بصحبة ابن خالته، مؤكدا أنه بدأ مراحل علاجه التي استمرت نحو 4 سنوات حتى بداية مرحلة العلاج الطبيعي في العام 2014، والتي حملت بدورها تطورًا لم يخطر ببال عمرو والمقربين منه، وتسببت "الصدفة" أثناء تلك المرحلة في تحويل مسار حياته. [rotana_image_gallery rig_images_ids="437766,437767,437768"] "الأب الروحي" والصدفة التي غيّرت المسار 4 سنوات واجه خلالها الشاب المصري إصابته القاسية بكل شجاعة وصبر، ليبدأ مرحلة العلاج الطبيعي، وشاءت الأقدار أن يشرف على تأهيله العميد يسري عبد العزيز الضابط السابق بالقوات البحرية المصرية، والذي اشتهر باهتمامه الكبير بالرياضيين ذوي الاحتياجات الخاصة. شجّع عبد العزيز الشاب عمرو السوهاجي على مواصلة مشواره الرياضي في مجال ذوي الاحتياجات الخاصة، وبالفعل حاول السوهاجي ممارسة كرة السلة، إلا أن محاولاته لم يُكتب لها النجاح، وهو ما لم ينل من عزيمته ليواصل مراحل العلاج الطبيعي بكل إصرار. إحدى مراحل العلاج الطبيعي كانت تشمل العلاج بالماء، حيث يبقى عمرو لفترات في أحواض السباحة، ومن هنا وُلدت لدى عبد العزيز فكرة جديدة، لماذا لا يستغل السوهاجي تلك الأوقات لمحاولة ممارسة السباحة؟ يقول "عمرو" إنه ضحك عندما أبلغه عبد العزيز بتلك الفكرة، خاصة أن ممارسة السباحة في ظل إصابته بشلل رباعي هي المستحيل بعينه، مشيرا إلى أن إلحاح العميد البحري دفعه للبدء في محاولات السباحة، وهي المحاولات التي كُللت بالنجاح، ليبدأ مرحلة جديدة في حياته يملؤها الطموح والتفاؤل، ويتحول العميد يسري عبد العزيز إلى أب روحي لا ينسى السوهاجي دوره الكبير في حياته.     دراما السباق الأول مفتاح التألق والنجاح في العام 2015 شارك السوهاجي في بطولة الجمهورية، والتي اضطر فيها لدخول سباق 50 متر صدر لفئة تفوق قدراته، حيث تنص لوائح اللجنة البارالمبية الدولية على تقسيم الرياضيين لفئات مختلفة طبقًا لإعاقاتهم الجسدية، ضمانًا لتكافؤ الفرص، وتشمل منافسات السباحة 12 فئة، تبدأ من BS1 وهي الفئة الأصعب على الإطلاق، والتي كان من المفترض أن يشارك السباح المصري في منافساتها، إلا أن ندرة السباحين في تلك الفئة في مصر والعالم دفع السوهاجي مضطرًا للمشاركة في فئة BS2، التي تسابق فيها مع منافسين يفوقونه بوضوح في الإمكانيات الجسدية. شهد السباق موقفًا دراميًا، عندما خارت قوى السوهاجي بعد 25 مترًا فقط، ليتشبث بالسور الخاص بحوض السباحة، ويحاول الخروج، إلا أن تلك اللحظة شهدت تدخلًا لا ينساه الشاب المصري على الإطلاق، عندما هب العميد عبد العزيز وأمر السوهاجي أن يكمل السباق رغم خسارته، وبالفعل نجح عمرو في إكمال السباق، ليتولد لديه إصرار كبير على الظهور بشكل أقوى في العام التالي. في نفس العام بدأ السوهاجي مشواره المبهر مع التألق، وحصل على المركز الثاني في بطولة كأس مصر في فئة SB2، وهي الفئة التي داوم على المشاركة فيها نظرًا لعدم وجود متسابقين في فئته، التي تتطلب تحديًا حقيقيًا للمستحيل، وفي عام 2016 فجّر السوهاجي مفاجأة من العيار الثقيل وحصل على المركز الثالث في بطولة الجمهورية، ليتوج بالميدالية البرونزية. كرر عمرو السوهاجي إنجازه في عام 2017، وتوج مجددًا بالميدالية البرونزية في بطولة الجمهورية، وهو ما جذب أنظار عماد مدبولي مدرب المنتخب المصري للسباحين ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث طلب مقابلة السوهاجي، وأخبره أن الرقم الذي حققه في بطولة الجمهورية هو رقم مؤهل لبطولة العالم في فئة BS2، وبالتالي عليه ألا يفوّت الفرصة للمشاركة في إحدى البطولات الدولية المؤهلة لبطولة العالم. [rotana_image_gallery rig_images_ids="437772,437773"] الانطلاق نحو العالمية انضم السوهاجي للمنتخب المصري للسباحين ذوي الاحتياجات الخاصة، وتلقى تدريبًا مكثفًا لمدة 4 أشهر متتالية، بواقع 5 ساعات تدريب يوميًا، ليكون في كامل الجاهزية قبل بطولة برلين الدولية، إحدى أشهر وأهم بطولات السباحة لذوي الاحتياجات الخاصة. كان عمرو السوهاجي هو المشارك الوحيد على مستوى العالم في فئة BS1 في بطولة برلين، وهو ما دفعه مجددًا للمشاركة في سباق فئة BS2، إلا أنه واصل تحقيق المعجزات، وتفوق على 8 سباحين من مختلف أنحاء العالم، ليتوج بالميدالية الذهبية محققًا رقم 2:07 دقيقة، وهو رقم يفوق الرقم المؤهل لبطولة العالم بفارق 11 ثانية. أصبح السوهاجي هو المصنف الأول على مستوى العالم في فئته BS1، إلا أن ندرة المشاركين في تلك الفئة قد يضعه أمام تحد جديد في بطولة العالم، بمواجهة ملوك سباق BS2، حيث يُشترط مشاركة ثلاثة سباحين على الأقل في السباق لاعتماده رسميًا، لكن البطل المصري أصبح معتادًا على تجاوز تلك التحديات، بعدما قدم درسًا في الإصرار، وأبهر العالم في وقت قياسي. [rotana_image_gallery rig_images_ids="437774,437775,437776"] طوكيو 2020.. الحلم الأكبر رغم تركيز عمرو السوهاجي الكامل على الاستعداد لبطولة العالم التي تحتضنها الأراضي المكسيكية في سبتمبر المقبل، إلا أنه يعتبر تلك البطولة خطوة أولى نحو حلمه الأكبر، برفع العلم المصري في دورة الألعاب البارالمبية 2020، التي تستضيفها العاصمة اليابانية طوكيو، بعد أيام من استضافتها لدورة الألعاب الأوليمبية. هكذا حول الشاب المصري المشهد الأكثر قسوة في حياته، إلى دافع لقهر المستحيل، ولانطلاقة جديدة نحو العالمية في مجال لم يخطر بباله يومًا أن يكون أحد أبطاله الملهمين، ليصبح أيقونة من أيقونات الرياضة المصرية، ويحمل آمال المصريين في ميدالية بارالمبية، لم يحققها أبناء الفراعنة في رياضة السباحة منذ عام 1996 [rotana_image_gallery rig_images_ids="437777,437778,437779"]    أحمد فاروق