والدة يارا القحطاني لروتانا : رحلتي من خبر مقتلها حتى قبلة الوداع
  • Posted on

والدة يارا القحطاني لروتانا : رحلتي من خبر مقتلها حتى قبلة الوداع

أصبحت قضية مقتل الطفلة يارا القحطاني على يدي والديها قضية رأي عام أثارت الشارع السعودي فصارت ابنة كل عائلة سعودية، بعد أن ذهبت ضحية تعنيف والدها لها حيث اعتدى عليها بالضرب مستخدماً "الخيزرانة" و"أنبوب التكييف" حتى فارقت الحياة بعد أن قام بحبسها لساعات قبل أن توافيها المنية وهي في طريقها إلى المستشفى!والدة يارا البالغة من العمر 38 عاماً فقط، والتي تابعت بصمت وقوة واحتساب كافة الصحف، وهي تتبادل أخبار رحيل طفلتها وتفاصيل القضية، فتحت قلبها اليوم لـ"مجلة روتانا" لتقول ما لم تقله من قبل، رغم كل محاولاتها لـ"الفضفضة" على مواقع التواصل الاجتماعي علّها تفرغ شيئاً من الألم الذي تكتمه والمرارة التي تشعر بها، والوجع الذي تقول عنه إنّه سيكون رفيقها طوال العمر حتى تلقى يارا مرةً أخرى في الجنة بإذن الله.في البداية، وصفت أم يارا رحلة ما قبل وفاة يارا بالصعبة، قائلة: "يارا كانت في حضانتي، ربيتها وحدي في منزل والديّ المسنين ومعي شقيقتاي فقط، لأني انفصلت عن والدها وأنا حامل فيها رغم أننا ظللنا متزوجين لسبع سنوات ننتظر قدومها، حيث لم نُرزق قبلها بأي أطفال فكانت يارا مكافأة ربي لي بعد صبري كل تلك السنوات، وظلّت مقيمة معي منذ لحظة ولادتها، وحتى أصبحت طالبةً في الصف الأول بالمدرسة قبل أن يأخذها والدها مني قسراً، مهدداً بأنه لن يسمح لها أن تكمل عامها الدراسي الثاني عندي، وكنت كل تلك السنوات ممتنعة عن الزواج حتى أرّبي طفلتي التي كان يُضرب بها المثال في الأدب والدين وحفظ القرآن، كانت طفلة من الجنة ولم تكن تشبه بقية الأطفال، وكانت محبوبة من الجميع لدرجة أنّ مشرفتها ومعلماتها في المدرسة اندهشن عند سماعهن بخبر مقتلها على يدي والدها بحجة التأديب لأنّها كانت مؤدبة وخلوقة وجميلة، حتى إنهن كن يستعن بها رغم صغر سنها لقراءة القرآن في الإذاعة من جمال صوتها، ورغم كل ذلك لم يسمح لها بالبقاء عندي وكنت أحتسب أجري عند رب العالمين وأقول سيرزقني ربي وإياها بفرج قريب يمنع هذا الفراق".الرحلة الصعبةزيارات في المناموتابعت وهي متماسكة وحامدة: "ابتعدت عني وذهبت مع والدها إلى الرياض في شهر رمضان، ومنذ ذلك الحين لم أرها، ولكنها كانت تأتيني في المنام وتستنجد بي وكنت أشعر بسبب تلك الرؤى أنها تعيش وضعاً نفسياً صعباً وقاسياً، وطالبت برؤيتها أكثر من مرة ولكنه لم يستجب لمطالبتي، كنت أشعر بأنّها ستفارقني قريباً بسبب الرؤى التي كانت تراودني في المنام، وفي يوم وفاتها الموافق 7 من ذي الحجة كنت منهارة وأبكي بحرقة دون سبب، وكنت أخبر عائلتي أن هناك أمراً حلّ بيارا فلم يصدقني أحد، رأيتها في المنام وهي تطلب مني أن آتيَ إليها، وظلّ خبر مقتلها خفياً عنَا حتى الحادي والعشرين من ذي الحجة، وقتها اتصل أحد المحققين بشقيقي وأخبره بالنبأ الأليم، والذي كنت أتوقعه لأنّي قبلها بيوم واحد فقط شاهدت يارا في المنام وهي سعيدة وتلعب في مدينة تشبه مدينة الملاهي، وعندما حاولت الدخول إليها كان هناك صوت يحدثني بأنها ستظل هناك للأبد، وأني لن أراها من جديد، فكنت أقوم الليل أصلي وأدعو أن يحفظها الله وأن يصبرني ويجبر قلبي على فراقها".لحظات الوداعومن ثم بدأت في رواية الأحداث المؤلمة منذ لحظة تلّقيها الخبر وحتى ودعت يارا وهي في الكفن، ورغم أن الدموع كانت تغالبها إلّا أنّها تغلّبت عليها وتابعت: "أصررت على الذهاب إلى الرياض، حيث كانت جثتها، وذهبت معي شقيقاتي، ونصحنا الجميع هناك من محققين وأقرباء بعدم رؤية الجثمان ولكنني أصررت على وداعها، فطلبت مني شقيقتاي أن تقوما بغسلها وتكفينها ومن ثم أقوم أنا بوداعها بسبب شكلها المؤلم الذي لم يفضّل أحد أن أراها عليه حيث كانت آثار الضرب على كافة أجزاء جسدها، كما كانت قطب تشريح الجثمان ظاهرة، وبالفعل أحضروها بعد تكفينها حيث تمت تغطيتها بالكامل باستثناء النصف العلوي من وجهها، فقبلّتها قبلة الوداع واحتضنتها وقلت لها إنني أتيت كما طلبت مني وبأني سألقاها في الجنة بإذن الله، وتماسكت في حضور الجثمان رغم كل الألم الذي كان يعتصرني وسجدت سجدة شكر لرب العالمين وطلبت منه أن يربط على قلبي وأن يحتسبها عنده طيراً من طيور الجنة، وأن تكون شفيعة لي يوم القيامة، وحملوها إلى الدفن وأنا أحمل داخلي كل وجع الدنيا بصمت وصبر علّني أحسن هذا الصبر فيعوضني ويعوضها الله خيراً".اعتداء وحشي!أما عن والد يارا وما وصلهم من أسباب للتعنيف الذي نزل به على الطفلة فقالت: "لا أعلم، كل ما عرفته من التحقيقات أنّها ظلت شهراً كاملاً قبل وفاتها تنام في مجلس الضيوف وحدها ولم يكن يسمح لها أن تنام مع شقيقاتها من زوجته الثانية وكان يفرّق في المعاملة بينهن ويقسو عليها، وكانت تصرخ بأنّها لا تحبه وقتما كان يضربها، وبالطبع فأنا أتخيل شكلها وهي تصرخ بتلك الكلمات وتتعرّض لذاك الاعتداء الوحشي من قبله"، لافتةً إلى أنّ التواصل العاطفي بين يارا ووالدها كان منقطعاً لأنّه لم يكن يقوم بزيارتها بشكل دوري خلال السبع سنوات التي قضتها في حضانتها، حيث تعيش في الطائف، حيث كانت زياراته لها متقطعة ولساعتين أو ثلاث فقط في كل مرة، كما كان الاتصال الهاتفي منقطعاً أيضاً، كما أكّدت أنّه وقبل أن يأخذ يارا لتعيش معه في الرياض لم يزرها لقرابة العام، مؤكدةً أنّها تثق بالعدالة وبأنّه حتى وإن استطاع النجاة بفعلته فلن ينجو من ذنب ابنته في الدنيا أو الآخرة.وفي نهاية الحوار حملت أم يارا ذنب طفلتها لكل جهة كانت تستطيع حمايتها ولم تفعل، مطالبةً أن تكون هناك جمعيات حقوقية واجتماعية تعنى بشؤون أطفال المطلقات، خاصةً أولئك الذين يظلون لسنوات طويلة في حضانة الأم قبل أن يأتيَ الأب وينتشلهم من حضن أمهم بالقوة دون تمهيد أو حكم محكمة ودراسة أخصائيين، قائلةً: "دم يارا تتحمله حقوق الإنسان والشؤون الاجتماعية والحماية الأسرية وكل جهة كانت تستطيع أن تطالب بقوانين حازمة في شؤون الحضانة لأنّ يارا التي رحلت ورحل قبلها كثيرون بنفس الطريقة لا يجب أن تذهب دماؤهم سدىً خوفاً من أن ترحل يارا أخرى".وختمت بجملة واحدة: "يارا كانت طفلتي أنا فقط قبل وفاتها، واليوم هي ابنة كل السعوديين".