نورمان بولورغ.. أسطورة أنقذت مليار شخص من مجاعة تنبأ بها العلماء
  • Posted on

نورمان بولورغ.. أسطورة أنقذت مليار شخص من مجاعة تنبأ بها العلماء

روتانا ـ ميادة السيد ماذا سيحدث عندما ينمو عدد سكان العالم بمعدل أسرع من إنتاج الغذاء؟.. دار هذا السؤال في ذهن مهندس الزراعة، نورمان بولورغ، وهو ما سمح له بإنقاذ حياة نحو مليار إنسان من مجاعة وذلك كله قبل وقت طويل من إثارة هذا السؤال للقلق في جميع أنحاء العالم. وخاف "نورمان" من أن يموت ملايين الناس جوعا، فلجأ عقب تخرجه في الجامعة إلى التفكير بحل لتلك الأزمة، فانتقل من منزله في ولاية أيوا الأمريكية، وأقام معسكرا في مركز للأبحاث الزراعية بوادي ياكي بالمكسيك، عازما على استخدام معارفه العلمية، من أجل التصدي لآفة الجوع في العالم. وبالفعل غير ما فعله "نورمان" مستقبل البشرية، وأنقذ الحياة الملايين، مستحقا بذلك جائزة نوبل للسلام في عام 1970، لإسهامه في تعزيز السلام العالمي، من خلال ضمان حصول البشر على غذاء كافٍ. [rotana_image_gallery rig_images_ids="790592,790593,790594,790595,790596,790597"] وقالت لجنة نوبل، أثناء منح الجائزة لـ"نورمان": "لقد ساعد أكثر من أي شخص آخر في هذا العصر، من أجل توفير الخبز لعالم جائع، لقد اتخذنا هذا الخيار، على أمل أن يوفر الخبز أيضا السلام للعالم". وتوقع "نورمان" وفاة الملايين حول العالم، بسبب سوء التغذية والجوع، وأنه لن يكون هناك ما يكفي من الغذاء في وقت قريب، لذا سافر إلى المكسيك عام 1945، وما أن وصل هناك حتى كتب رسالة إلى زوجته، التي تركها في بلاده، قال فيها: "هذه الأماكن التي رأيتها أصابتني بالذهول، إنها فقيرة للغاية ومحبطة، لا أعرف ما الذي يمكننا فعله لمساعدة هؤلاء الأشخاص، لكن علينا القيام بشيء ما". ودخل "نورمان" في تحدٍ وضعه البرنامج التعاوني المكسيكي الزراعي، لتحسين إنتاج القمح، الذي ترعاه الحكومة المكسيكية، ومؤسسة روكفلر، وكان من المقرر له أن يعمل في جنوب البلاد، حيث يتم زراعة القمح في الربيع، وحصاده في الخريف. وأراد "نورمان" أن يجرّب مناخا مختلفا لزراعة القمح، بحيث يزرعه في الخريف، ويحصده في الربيع، فلجأ إلى مركز مهجور للأبحاث الزراعية، وعمل به رغم عدم امتلاكه تصريحا. عاش "نورمان" دون كهرباء، أو مياه، أو صرف صحي، وذلك فقط من أجل أن يزرع أنواعا مختلفة من القمح، مع التركيز على سماتها ونوعياتها الجيدة، حتى يتمكن من إنتاج نوع يقاوم الأمراض، ويحقق عائدا أفضل. واعترف "نورمان"، في كتاب عن حياته الشخصية، بأنه شعر بالندم في بعض الأوقات، على قبوله العمل في المكسيك، لكن ثباته أتى بثماره، ففي غضون سنوات قليلة نجح في إنتاج صنف جديد من القمح قصير القامة، يمكن أن ينتج كميات أكبر من الحبوب، ويقاوم الأمراض، كما يقاوم الانحناء وكسر الساق، أثناء هبوب الرياح. وأجرى "نورمان" المزيد من الأبحاث، التي مكنته من زيادة إنتاج هذا النوع من القمح إلى الحد الأقصى، كما عرف كمية الأسمدة التي يحتاجها، وكذلك كمية المياه. وبدأ "نورمان" بعد ذلك، وتحديدا في ستينات القرن العشرين، السفر إلى دول العالم، التي يعرف أنها بحاجة إلى زيادة إنتاجها الغذائي، مثل: الهند وباكستان، وبدأ في زراعة سلالته الجديدة من القمح بها. وصدر كتاب للبيولوجي بول إيريك، في عام 1968، بعنوان "القنبلة السكانية"، حذر خلاله من أن النمو السكاني، أكبر من الإمدادات الغذائية، وأن مئات الملايين من البشر سيتضورون جوعا حتى الموت، وتوقع أن يموت جميع سكان شبه القارة الهندية قبل عام 1980. ولم تتحقق نبوءة "بول" في كتابه، وتمكن العالم من الحفاظ على إنتاج الغذاء، بما يتماشى مع النمو السكاني، وذلك بفضل "نورمان" وعمله الدؤوب، لمساعدة البلدان النامية على زيادة إنتاجها الغذائي، حيث ارتفعت غلات القمح في هذه البلدان بمقدار ثلاثة أضعاف، مما كان له أبلغ الأثر في تفادي كارثة المجاعة التي توقعها الكثير من العلماء حينها. وأقام "نورمان" عملا مماثلا على الذرة والأرز، وكان يطلق عليها اسم "الثورة الخضراء"، كما أسهم في الجهود المبذولة لمكافحة إزالة الغابات، ووضع حينها "فرضية بورلوغ"، التي تقول إنه إذا كان بالإمكان زيادة الإنتاج في الأراضي الزراعية القائمة، فإن إزالة الغابات ستنخفض، حيث ستكون هناك حاجة أقل لإزالة الغابات، لإنشاء أرض زراعية جديدة. وأنشأ "نورمان" أيضا جمعية ساساكاوا الإفريقية، لزيادة إنتاج المحاصيل كالذرة الرفيعة، واللوبياء، في أوائل الثمانينيات من القرن العشرين، وذلك عندما بدأت البلدان الإفريقية الدخول في مجاعة، وساعد بذلك في إنقاذ الأرواح. ويعتقد العلماء أن نصف سكان العالم اليوم، يذهبون إلى النوم كل ليلة، بعد تناول الحبوب التي طورها "نورمان"، الذي حصد الكثير من الجوائز، ومنها نوبل للسلام، والميدالية الرئاسية للحرية، والميدالية الوطنية للعلوم، والميدالية الذهبية للكونغرس "بادما بوشان"، التي تعد ثاني أعلى وسام في جمهورية الهند. وأصيب نورمان بسرطان الغدد الليمفاوية، وتوفي على أثره في عام 2009، داخل منزله في دالاس بالولايات المتحدة الأمريكية، وذلك عن عمر يناهز 95 عاما. [more_vid id="kRp1BMR7bYPvoyBxo1pXDg" title="حساسية القمح مرض يستنزف ضحاياه.. والسبب ضعف التشخيص" autoplay="1"]