مجاعة أوريسا.. كارثة إنسانية انتهت بنضال شعب ضد الاستعمار
  • Posted on

مجاعة أوريسا.. كارثة إنسانية انتهت بنضال شعب ضد الاستعمار

روتانا - منة الله أشرف مجاعة أوريسا 1866، واحدة من أكثر النقاط السوداء في تاريخ بريطانيا العظمى، إذ يعد حدثًا كارثيًا تسببت فيه الهند وقت أن كانت تحت سيطرة التاج البريطاني، أدى إلى مقتل مليون شخص في شرق البلاد، بمعدل واحد من كل 3 أشخاص لقى حتفه، وباتت هذه الواقعة نقطة تحول مهمة في التنمية السياسية في الهند. [vod_video id="N5pQgTNZlCd89T5dmGHV5g" autoplay="1"] المجاعة لم تكن غريبة على الهند، لكن زاد وطئها مع حكم الاستعمار البريطاني، وساعدت شركة الهند الشرقية في قتل صناعات الغزل والنسيج التي كانت قوية في الهند، ما دفع المزيد والمزيد من الناس إلى الزراعة، وهذا بدوره جعل الاقتصاد الهندي أكثر اعتمادًا على الظروف المناخية. [readmore post_link="https://rotana.net/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%B1-%D8%AA%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D9%84%D8%B9%D9%86%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D9%83-%D9%85%D9%8A%D8%AB%D8%B1%D8%A7%D8%AF%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%B3/" ] قبل 153 سنة، ظهرت رياح موسمية ضعيفة كأول نذير شؤم، وعلم الجميع أنهم على موعد مع فترة من موسم عجاف، وأشارت التقارير حينها، سواء من بريطانيا أو الهند إلى ارتفاع الأسعار وتضاؤل احتياطيات الحبوب، ويأس الفلاحين غير القادرين على تحمل شراء الأرز. كل هذا لم يفعل شيئا يذكر لتحريك الإدارة الاستعمارية، في منتصف القرن التاسع عشر، كانت الحكمة الاقتصادية الشائعة تقول إن تدخل الحكومة في المجاعات غير ضروري بل وضار، وعاجلا أم آجلا، فمن شأن السوق أن يستعيد التوازن السليم، أما الوفيات الناجمة عن هذا فهي وفقا لمبادئ أشهر اقتصادي إنجليزي معروف بنظرياته المؤثرة بالنسبة للنمو السكاني، "توماس مالثوسيان"، "طريقة طبيعية في الاستجابة للاكتظاظ السكاني". [readmore post_link="https://rotana.net/%D9%86%D9%88%D8%B1%D9%85%D8%A7%D9%86-%D9%8A%D9%83%D8%B4%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A7%D9%86%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B8%D9%84%D9%85-%D9%84%D9%84%D8%AA%D9%83%D9%86%D9%88%D9%84%D9%88%D8%AC%D9%8A/" ] وفقا لهذه المبادئ كان يتم الترويج أن هذه المجاعة من مشيئة القدر، ولا يمكن لأي حكومة أن تفعل شيئا لمنع أو تخفيف هذه الكارثة التي ستلم بالبلاد عما قريب. وقال مسؤول هندي في حينها: "تنظيم أسعار الحبوب يمكن أن يهدد بالتلاعب بالقوانين الطبيعية للاقتصاد، وإذا كان لي أن أفعل ذلك، فلن أعتبر نفسي أفضل من مجرم أو لص"، وفي النهاية هجر رعاياه الهزال في أوريسا، وذهب إلى كالكوتا في محاولة للإغاثة. في مايو 1866، لم يعد من السهل تجاهل الكارثة المتصاعدة في أوريسا، ووجد المسؤولون البريطانيون قواتهم وضباط الشرطة التابعين لبلدهم يتضورون جوعًا، أما السكان فكانوا كومة من العظام الحي، وكشأن أي مجاعة، حاول السكان أكل ما يقع تحت أيديهم من حيوانات الشوارع، وانتشر خطف الأطفال لأكلهم، والصورة التالية توثق رجلا يحمي أسرته من الخطف. وفي محاولة أخيرة يائسة لإنقاذ الوضع، حاول المسؤول الهندي استيراد الأرز إلى أوريسا، إلا أن الرياح الموسمية أعاقت وصول السفن بسبب الفيضانات، ووصلت الكمية صغيرة جدًا، ومتأخرة جدًا، وفاسدة أيضًا. ما دور بريطانيا؟ بعد أجيال عديدة ومرور سنوات على هذه الكارثة، تصاعدت الأصوات التي تقول إن الحكم البريطاني أدى إلى إفقار الهند بشكل فادح، ومجاعة أوريسا كانت أكبر دليل على ذلك، وكرس السياسي، "داببهي ناورجي، حياته في التحقيق بشأن فقر الهند، ورسم نسخته الأولى من "نظرية الاستنزاف"، وهي الفكرة القائلة بأن بريطانيا كانت تثري نفسها بالفعل بمص شريان الحياة من الهند. الحقيقة الصادمة هي أن في الوقت الذي عانت فيه الهند من هذه المجاعة كانت صدّرت أكثر من 200 مليون رطل من الأرز إلى بريطانيا، حيث رأت الإدارة استعمارية أن بلادها أحق بهذه الحبوب. [readmore post_link="https://rotana.net/tv-articles/%D8%A3%D8%AD%D8%AF%D9%87%D9%85-%D8%A3%D9%83%D9%84-%D9%82%D9%84%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D9%83-%D9%88%D8%A2%D8%AE%D8%B1-%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8-%D8%A8%D9%85%D8%AD%D8%A7%D9%83%D9%85%D8%A9-%D8%AC/" ] في الواقع كان الفلاحون على علم بهذه المجاعة منذ أن جاء نذير الشؤم الأول من الرياح الموسمية وادخروا ما يكفيهم من الحبوب، والإمدادات الغذائية، لكن الحكومة البريطانية أصرت على تصدير البلاد للحبوب. كان هناك نمط مماثل من التصدير الجماعي خلال سنوات أخرى من المجاعات، حيث تكرر ذلك عام 1869 و1874، وبين 1876 إلى 1878، فيما عُرف بـ "مجاعة مدراس" "Madras famine"، ولقي من 4 إلى 5 ملايين حتفهم في هذه المجاعات الصناعية من قِبل بريطانيا. [rotana_image_gallery rig_images_ids="737907,737908,737909"] بحلول عام 1901، قال السياسي "روميش شدون دوتي"، إن تعداد المجاعات منذ ستينيات القرن الـ 19 وصل إلى 10 مجاعات، بإجمالي نحو 15 مليون ضحية، ولخص ذلك في قوله: "كل عام من الجفاف كان عاما من المجاعة". هذه الكارثة الإنسانية من مجاعة أوريسا والمجاعات التي تلتها حفزوا الهنود على القتال ضد الحكم الاستعماري البريطاني. [more_vid id="7PuiYWwRFN1eKItq7B64ew" title="أكبر تضحية جماعية في التاريخ بتجميد الأطفال.. الجانب المظلم من حضارة بيرو القديمة" autoplay="1"]