كيف جسد الشعراء أمهاتهم على صفحات دواوينهم؟.. 5 أيقونات شعرية
  • Posted on

كيف جسد الشعراء أمهاتهم على صفحات دواوينهم؟.. 5 أيقونات شعرية

الأم كالشمس أشعتها لا تنتهي ونورها لا يخفت، دفئها لا يموت وضيائها لا يفنى، تمد الكواكب بنورها وتبقى بهية وجميلة، فلا حياة على الأرض دون الشمس، وهكذا كانت الأم بين أوراق أشهر الشعراء والكتاب العرب كالشمس بين كلماتهم الشعرية والنثرية. عبد الرحمن الأبنودي "أنا ابن أمي فاطمة قنديل وجدتي ست أبوها"، هكذا وصف الخال نفسه، عبد الرحمن الأبنودي واحد من أشهر شعراء العامية في مصر والوطن العربي، عندما تراه يلقي كلمات الشغر ينتابك شعور أنه حارس للتراث يقف ليقص حكاياته وكأنه راوي للسير الهلالية أو حكاء للروايات الشعبية، إنها حالة شعرية وغنائية ورثها الأبنودي من والدته فاطمة قنديل. فاطمة أو فاطنة كما كان يناديها الأبنودي هي ملهمته الأولى التي صنعت هذا الرجل بمخزونه اللغوي والشعري، فهي لم تكن تعرف القراءة والكتابة، لكنها كانت تحفظ في ذاكرتها كل أغاني التراث والحكايات، وترددها وهي تهدهد هذا الصغير عبد الرحمن في حجرها حتى بات صوت فاطنه وصورتها جزءً من تكوين الخال، وضيفا في كثير من قصائده، وكتب عن قوتها وروحها التي "لا تخشى حتى الموت." وأمى.. والليل مليل طعم الزاد القليل بترفرف.. قبل ما ترحل جناح بريشات حزانى وسددت ديونها وشرت كفن الدفانة تقف للموت يوماتى: "ما جاش ابن الجبانة" اقرأ أيضا: هؤلاء العمالقة هربوا من أم كلثوم.. الأبنودي فعلها 3 مرات محمود درويش من الصعيد الذي كوّن وجدان الخال إلى قلب فلسطين، وشاعر الثورة محمود درويش الذي مزج بين حب الوطن والأم. فلقد أعتقل درويش بسبب حبه لوطنه، وعندها اكتشف كم تحبه أمه، فلقد كان يشعر درويش أنه غير مفضل من والدته، فهي كانت تعاقبه كثيرا بسبب اللهو بالمنزل والحارة حتى دخل المعتقل في بداية حياته، وزارته والدته وهو وراء القضبان، ومعها الخبز والقهوة، واحتضنت ابنها بكل قوة ليعلم درويش أن حضن امه هو وطنه الآمن فكتب قصيدته الشهيرة "إلى أمي." ورغم بساطتها فهي تحمل معاني تسكن قلب الجميع بدأها درويش بحنينه لأشياء ملموسة كخبز وقهوة أمه، وخوفه من أن يموت خشية أن تدمع والدته، فمن منا لا يحن لخبز أمه! تغلغلت هذه الكلمات بكل الوطن العربي حتى صارت أيقونة لشعر الأم. أحنُ إلى خبز أمي وقهوةِ أمي ولمسةِ أمي وتكبر في الطفولةُ يوماً على صدر يومِ وأعشقُ عمري لأني إذا مُت، أخجل من دمع أمي! نزار قباني الرجل الذي أحب المرأة بكل تفاصيلها تعلّم هذا العشق في حضن أمه، وباتت هي نموذج الأنثى في حياته، وكتب لها قصائد كثيرة يمزج فيها بين حنينه لدمشق، ولصدر أمه، وظل يرى نفسه طفلا مليئا الشغف ناحية أمه فصورها في العديد من قصائده. أهداها نزار قصيدة "خمس رسائل إلى أمي"، والتي أرسلها إلى والدته بعد سفره ليعبر عن مشاعر الحنين والشوق لامرأة لم يجد مثلها بين جميلات أوروبا، فلا يوجد أنثى تمشط شعره بحنان ولا تحمل معها عرائس السكر ليفرح بها هذا الصغير الذي كبر شعره وشاب لكنه مازال طفلا يهفو لحضن أمه وحقيبتها المملوءة بعرائس السكر. وطفت الهند، طفت السند، طفت العالم الأصفر ولم أعثر على امرأةٍ تمشط شعري الأشقر، وتحمل في حقيبتها إلي عرائس السكر، وتكسوني إذا أعرى وتنشلني إذا أعثر، أيا أمي، أيا أمي، أنا الولد الذي أبحر ولا زالت بخاطره تعيش عروسة السكر، فكيف.. فكيف يا أمي غدوت أبا.. ولم أكبر؟ اقرأ أيضا: في ذكرى رحيله.. نجوم غنوا أشعار “نزار قباني” حافظ إبراهيم "الأُم مدرسة إِذا أَعدَدتَها.. أَعدَدت شَعبا طَيبَ الأَعراقِ"، بيت الشعر الذي صار شعارا لأهمية الأم ودورها في حياة الأمم، كتبه شاعر النيل حافظ إبراهيم الذي فقد والدته وهو صغير، وعاش يتيما في بيت خاله، لكن شعوره باليتم جعله يشعر ويفطن لدور المرأة والأم في حياة الرجل لذلك كتب قصيدته الشهيرة : الأُم مَدرَسَة إِذا أَعدَدتَها .. أَعدَدتَ شَعبا طَيبَ الأَعراقِ الأُم رَوض إِن تَعَهدَهُ الحَيا .. بِالرِى أَورَقَ أَيما إيراقِ خلد إبراهيم في أوائل القرن العشرين دور المرأة والأم في واحدة من أهم قصائده، والتي وبلغت روعتها لدرجة أن وزارة التربية والتعليم في مصر اعتمدت القصيدة ضمن المنهج المقرر على الطلاب بالمدارس، القصيدة بدأت بحب الوطن الذي عشقه إبراهيم حتى لقب بشاعر النيل، وبشاعر الشعب، وانتقل إلى المرأة وخاصة الأم التي تنشأ المجتمعات فهي الأصل لتقدم والسعادة. جبران خليل جبران أما للكاتب جبران خليل جبران، فكانت الأم هي السكن والوطن في بلاد المهجر، هي الأم التي قررت أن تبحث عن مستقبل لأطفالها في آخر الدنيا، ربما يجدوا سعادتهم هناك، فسافرت السيدة كاملة رحمة مع جبران وأخوته إلى أمريكا وامتهنت الخياطة، هذه الحياة صنعت وجدان جبران وشجنه ونظرته للحياة. كتب جبران عن خوفه من هذه الحياة بعيدا عن سكنه ووطنه الحنون حضن أمه " أمي تخاﻑ ﻋﻠﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻭأﻧﺎ أﺧﺎﻑ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ أمي"، ليعبر جبران بهذه الكلمات النثرية عن ثنائية خوف الأم والابن. رحلت والدة جبران وهو في شبابه لتترك قلبه فارغا يبحث عن الحب بين أطلال قلبه، وبفلسفة جبران المعروفة لخص وجود الأم في كل بيت كالنور فقال: "كل البيوت مظلمة، إلى أن تستيقظ الأم". المصدر :- مروة بدوي - روتانا