قتل الأم أمام الأبناء.. كيف يؤثر فيهم نفسياً؟
  • Posted on

قتل الأم أمام الأبناء.. كيف يؤثر فيهم نفسياً؟

تكثر حالات العنف الأسري في زماننا هذا حتى وصلت إلى حد قتل الزوج زوجته، رغم التقدم البشري الذي نعيشه، وفي لبنان لا تمر فترة إلا ونرى امرأة ضحية جديدة قتلها زوجها لسبب أو من دون سبب، وأخيراً قتل أحد الأزواج المجرمين زوجته أمام أعين أبنائها بعد احتفاله بعيد ميلادها، وكان ذنبها الوحيد أنها أرادت الانفصال عنه لكثرة تعذيبه لها، فكان جزاؤها القتل برصاصات غادرة أمام فلذات كبدها، فما كان من الابن البكر إلا أن طالب بإعدام والده الذي أخذ منه أمه، ومنذ أيام صدر حكم أولي بإعدام الوالد، فظهر الابن والابنة عبر الإعلام معبرين عن سعادتهما بهذا القرار.ولكن هذا المشهد الذي طبع في رأس الأبناء، وهو أقسى ما يمكن أن تراه عينا إنسان، كيف يؤثر فيهم نفسياً؟ وكيف يمكن أن يؤثر في سلوكياتهم مستقبلاً؟بيروت ـ روتاناضرورة حتميةعن هذا الموضوع يجيبنا الدكتور أنطوان الشرتوني إخصائي التحليل النفسي والأمراض النفسية: "العلاج النفسي ضرورة حتمية لكل أفراد العائلة مهما كانت أعمارهم"، مضيفاً: "إن التعنيف بأنواعه سواء اللفظي أو المعنوي وصولاً إلى الضرب والعدوانية، يؤدي الى تكوين تأثيرات سلبية عدة في شخصية المعنف، وتجعل منه شخصاً انطوائياً لا يمكنه التأقلم مع مجتمعه، وتظهر لديه كل سمات الخوف والقلق وصولاً إلى الاكتئاب وربما الانتحار".مشاهد مؤلمةأما عن الأطفال الذين يعيشون حالات العنف، قال الدكتور الشرتوني: "العنف لا يؤثر فقط في الشخص المعنَّف، ولكن له تأثيراً أيضاً في العائلة التي يفقد كل أفرادها حالة الاتزان النفسي، لذا فإن كل أفراد العائلة يحتاجون إلى العلاج، من أجل استرجاع اتزانهم، خصوصاً الأولاد حتى لو تجاوزوا عمر العشرين، لأن العلاج النفسي لا يقتصر على عمر معين، ومشاهد الأذية والقتل والعنف تؤثر في الصغير كما في الكبير".رسومات فاضحةويضيف الدكتور شرتوني أن العدائية تظهر في رسومات الأطفال، فيقول: "كم من الأطفال الذين تظهر من خلال رسوماتهم في المدارس أو في عيادات العلاج النفسي كثير من العدائية، سببها العلاقة المرتبكة بين مختلف أعضاء العائلة، وهنا لابد من المتابعة النفسية والعلاج النفسي من أجل التخفيف قدر الإمكان من حالة القلق والخوف والتروما التي عايشها الطفل، بسبب التصرفات والمشاهد المؤلمة نفسياً التي يعيشها في محيطه".التنفيس وخفض الضغطوبخصوص المراهقين الذين يرون تعنيف أمهم بعينهم أو حتى قتلها قال الدكتور الشرتوني: "متابعتهم أمرٌ حتمي كما الأطفال، ولا بد من العلاج أيضاً من أجل التنفيس وخفض الضغط النفسي الذي عاشه هذا المراهق كونه يكون مدركاً أكثر لما يعيشه، وتتكون لديه حالات الكراهية والغضب الشديد للوالد، كما رأينا في الحالة المذكورة، فالابن لم يعد يفكر في أبيه كوالد، بقدر أنه شخص غريب سلبه والدته وأغلى ما لديه، ورضاؤه لن يتحقق سوى بقتل والده، لذلك يجب التوجه بأسرع وقت إلى طبيب نفسي، لتفادي انعكاسات هذه المشاهد السلبية على مستقبل الابن، كون صورة العنف سواء اللفظي أو المعنوي أو الجسدي خطيرة على مستقبل المراهق، وطريقة تصرفه مع محيطه أو الشريك في المستقبل، كي لا تنتقل حالات العدائية والكراهية الشديدة إلى جميع من يتعامل معه".