علاج القولون العصبي يتطلّب التحلّي بالصبر
  • Posted on

علاج القولون العصبي يتطلّب التحلّي بالصبر

تعتبر متلازمة القولون العصبي من أكثر أمراض الجهاز الهضمي شيوعاً، وهي عبارة عن خلل في وظيفة القولون يؤدي لأعراض مزعجة في الجهاز الهضمي، مثل الانتفاخ وسوء الهضم والإخراج. ويتطلب علاج هذه المتلازمة تغيير نمط الحياة، وهو ما يستغرق وقتاً طويلاً، الأمر الذي يتطلب التحلّي بالصبر. وأوضح البروفيسور ريتشارد ريدش، رئيس قسم الجهاز الهضمي بمستشفى سانت جوزيف الألماني، قائلاً: "يلزم في البدء إجراء فحوصات شاملة للمريض من أجل استبعاد الأمراض الخطيرة الأخرى مثل حالات العدوى والالتهابات وسرطان القولون. وفي بعض الأحيان يحتاج الأطباء إلى إجراء فحوصات معملية، وفحص بالموجات فوق الصوتية وتنظير القولون للبحث عن أي أسباب عضوية لشكاوى المريض من الجهاز الهضمي. وغالباً ما يتم تشخيص مثل هذه الحالات بمتلازمة القولون العصبي. ومن جانبه، أوضح الصيدلاني الألماني توماس برايس طبيعة هذا المرض قائلاً: "في واقع الأمر متلازمة القولون العصبي ليست من الأمراض الخطيرة، التي تهدد الحياة أو المعدية للآخرين". لكن أعراض هذا المرض قد تظهر في صورة إمساك أو إسهال مزعج للمريض، كما أن هذه الأعراض تصبح مزمنة في معظم الحالات. النساء أكثر عُرضة وتعتبر النساء أكثر عُرضة للإصابة بمتلازمة القولون العصبي، وليس هناك تفسيرات علمية حالياً توضح عدم انتشار هذا المرض بين الرجال. بالإضافة إلى أن الأسباب الدقيقة لمتلازمة القولون العصبي ليست واضحة تماماً. وأضاف الطبيب الألماني توماس سوكوليك قائلاً: "هناك مؤشرات على أن الحالة النفسية تلعب دوراً في الإصابة بمتلازمة القولون العصبي". وأشار الطبيب الألماني إلى أن الأمعاء باعتبارها عضو الهضم في الجسم فإنها تشتمل على شبكة من الأعصاب، التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً مع الدماغ. وبالتالي فإن مشاعر الضغط والتوتر العصبي والغضب يمكن أن تظهر بشكل ملحوظ في الجهاز الهضمي، وتسبب بعض المتاعب والإزعاج للمريض. وأضاف البروفيسور ريدش قائلاً: "يمكن أن تتسبب بعض العادات الغذائية في ظهور مشكلات في المعدة الحساسة". ومن خلال الاعتماد على المذكرات اليومية لفترة مؤقتة يمكن تحديد ما إذا كانت المشكلات والمتاعب في الجهاز الهضمي ترجع إلى عدم القدرة على هضم بعض الأطعمة أم لا. بالإضافة إلى أن الجهاز الهضمي قد لا يتمكن في بعض الأحيان من التعامل مع البصل وبعض التوابل ومنتجات الألبان، وعند التخلي عن تناول هذه الأطعمة قد تختفي مشاكل القولون. حمية FODMAP وفي بعض الأحيان قد يخضع الأشخاص، الذين يعانون من متلازمة القولون العصبي لنظام غذائي صارم. وقد قام فريق بحث أسترالي بوضع نظام غذائي في سبيل السيطرة على أعراض القولون العصبي، وأطلق على هذه الحمية الغذائية اسم فودماب "FODMAP"، وهي اختصار لكلمات عدة Fermentable Oligo-, Di-, Mono-saccharides and Polyols. وقد اكتشف الباحثون أن هذه الحمية الغذائية قد تسبب مشكلات في الجهاز الهضمي؛ حيث تخلى الأشخاص، الذين خضعوا لهذا النظام الغذائي عن جميع الأطعمة، التي تحتوي على الفركتوز واللاكتوز والسوربيتول لمدة تتراوح من أربعة إلى ثمانية أسابيع. علاوة على أنه تم الامتناع عن تناول الفاكهة ذات النواة الحجرية والكرنب والبقوليات ومنتجات الألبان والحلويات. وبعد اتباع الحمية الغذائية FODMAP الصارمة لمدة شهر أو شهرين بدأ المرضى يشعرون باختفاء الأعراض، وبدأت مرحلة تجريب يكتشف فيها المريض نوع الأطعمة المسموح بها وكمياتها، التي يتحملها. وفي المرحلة الثالثة تم وضع خطة تغذية حسب المتطلبات الفردية، بحيث يحافظ المريض على عدم ظهور أعراض متلازمة القولون العصبي. وأكد البروفيسور الألماني ريدش أنه لا يجوز إجراء هذه الحمية الغذائية إلا تحت إشراف طبي. مسكّنات ومضادات اكتئاب وعندما يعاني المرء من أعراض متلازمة القولون العصبي، مثل المغص أو الانتفاخات فإنه يتم إعطاء المريض بعض الأدوية مثل المسكّنات أو العقاقير المضادة للتشنجات. وأوضح الصيدلاني برايس قائلاً: "توجد في الصيدليات العديد من العلاجات العشبية مثل الكراوية والشمر واليانسون على شكل عبوات شاي". وفي بعض الحالات يتم وصف مضادات الاكتئاب لعلاج أعراض القولون العصبي. وأكد البروفيسور الألماني ريدش أن ثلث مرضى القولون العصبي تقريباً لديهم أعراض سلوكية للاكتئاب. ولا تقتصر أهمية مضادات الاكتئاب على تحسين الحالة المزاجية فحسب، لكنها تؤثر أيضاً على الجهاز العصبي في الأمعاء. تغيير نمط الحياة وقد تساعد زجاجة الماء الساخن الموضوعة على البطن أحياناً في التخفيف من حدة الآلام والتشنجات. وأضاف الطبيب الألماني سوكوليك قائلاً: "أن علاج الوخز بالإبر غالباً ما ينجح في التخفيف من الآلام". وعادةً ما تكون الأدوية وتغيير العادات الغذائية مجرد جزء فقط في علاج متلازمة القولون العصبي، علاوة على أنه يلزم إجراء تغيير دائم في نمط الحياة، وهو ما يستغرق وقتاً طويلاً، ويتطلب التحلي بالصبر. كما أن تقنيات الاسترخاء، مثل اليوغا والتاي تشي أو العلاج التنفسي، يمكن أن تسهم في إعادة التوازن إلى الجهاز الهضمي. ومن الأمور المهمة أيضاً أن يبتعد المرء عن التوتر العصبي، وربما يساعد العلاج النفسي السلوكي في التخلص من الإجهاد والتوتر العصبي.