سرّ ناشطة السلام التي أوحت لنوبل بفكرة التكفير عن الذنب
  • Posted on

سرّ ناشطة السلام التي أوحت لنوبل بفكرة التكفير عن الذنب

نشرت الصحف قبل وفاة ألفريد نوبل بثماني سنوات نعيه بطريق الخطأ، حيث اختلط الأمر على وسائل الإعلام فلم تميّز بينه وبين شقيقه لودفيج، لكنّ مخترع الديناميت اتضح له شيءٌ مهم للغاية، وهو أنّ كل ما كٌتب عن وفاته غير الصحيحة كان يصفه بأنّه "رجل جمع ثروته من الديناميت والمتفجرات، ويصعب القول إنّه ساهم في تقديم شيء جيد للبشرية".هذه هي الحكاية التي يقصها مدير متحف نوبل، جوستاف كالستراند، الذي أشار إلى أنّ العبارات القاسية التي استخدمت في وصف نوبل خلال أنباء وفاته الوهمية كانت صعبة للغاية، إذ وصل الأمر إلى حد وصفه بـ"تاجر الموت"، حيث كان هذا الأمر بمثابة جرس إنذار بالنسبة له.على الرغم من هذا كان هناك شيء آخر حدث لكي يقدِم ألفريد نوبل في 27 نوفمبر 1895، أيْ منذ 120 عاماً تقريباً على التبرّع- في وصيته- بثروته للمؤسسة التي ستسلم الجوائز الأشهر في العالم حالياً، والتي تحمل اسمه، وكان وراء هذا الشيء امرأة تحمل اسم بيرثا فون سوتنر.كانت هناك علاقة صداقة وثيقة تجمع بين ألفريد نوبل وناشطة السلام بيرثا فون سوتنر، لكن مخترع الديناميت كان يرغب فيما هو أكثر من هذه الصداقة. كانت فون سوتنر تعمل لفترة كسكرتيرة شخصية لنوبل، ويقول لارس اكيه سكاجيجارد في كتاب السيرة الشخصية الذي ألّفه عن نوبل إنها كانت "المرأة التي بحث عنها ألفريد منذ وقت طويل".يضيف سكاجيجارد "كانت هي من شجعته على التبرع بجزء من ثروته لعدد من حركات السلام المختلفة"، لذا فإنه لاحقاً وبعد أنْ منحته الإلهام تحدث عن خططه لرعاية جائزة للسلام، خاصة، وفقاً لما تقوله الرواية الأكثر شهرة، أنّ الاستخدامات التي ظهرت لابتكاره (الديناميت) أصابته بالإحباط.ولا يعتقد أنّ الجوائز التي بدأ الإعلان عنها الشهر الجاري كان هناك حديث بشأنها دار بين نوبل وصديقته، لكن يؤكد كالستراند "فكرة التبرع بالمال للعلم أو للمقاصد الخيرية كانت موجودة قبلها"، وذلك لأنّ وضع عائلته الاقتصاديّ كان مريحاً، فيما أنّ نوبل كان يؤمن بأنّ الثروة الموروثة تجعل الإنسان أكثر كسلاً.لهذا كان نوبل يسعى لتمييز أولئك الأشخاص الذين يساهمون في دفع البشرية نحو التقدم للأمام عن طريق أفكارهم، لكن حتى الآن لا يستطيع أحد الجزم إذا كان المبتكر قادراً على توقع ما الذي ستسببه وصيته في المستقبل، خاصة أنّ بعض أقاربه وصل بهم الأمر للطعن فيها أمام المحاكم.يقول كالستراند "يوجد بعض الأشخاص الذين يقولون إنّ هؤلاء الذين وقفوا أمام المحاكم حرّكهم الطمع"، فيما أنّ بعضهم يرى أنهم كانوا يشعرون بقلق حقيقيّ على ميراث نوبل.ويضيف مدير المتحف "نوبل لم يكن يحب المحامين ولهذا لم يتعاقد للحصول على خدمات أيّ منهم لتحرير وصيته"، لكن على الرغم من هذا فإنّ ما سبق ذكره لم يكن السبب الوحيد لما حدث بعد الكشف عن الوصية.وقال نوبل في وصيته إنّ الجوائز يجب أنْ تُمنح في خمس فئات لمن "قاموا في العام السابق بإسهام كبير لصالح البشرية"، لكنه لم يحدد هذه المجالات وهو الأمر الذي ترك منفذي الوصية أمام مهمة ضخمة، وساهم في إصابة المؤسسات التي أولاها مسؤولية تسليم الجوائز بالدهشة، إذ يقول كالستراند "لم يكن لديهم أيّ فكرة عما يحدث وشعروا ببعض التوتر".وأصيب البعض بالشك، إذ لم يعرفوا إذا كان يجب أنْ يتحملوا المسؤولية أم لا، بسبب انتقادات الصحافة الدولية التي قد تؤدي للإضرار بسمعة السويد والنرويج، حيث لم يكن الكثير من السويديين يرغبون في أنْ يكون النرويجيون مسؤولين عن تسليم جوائز نوبل للسلام.ومر وقت طويل حتى تمّ التوصل لحلول لكل المشكلات القائمة، حيث سلمت الجوائز في أول نسخة لها بعد خمس سنوات من موت نوبل، وحتى الآن لا تزال تحكمها نفس القواعد.وقد تمّ يوم الاثنين الماضي الموافق الخامس من أكتوبر الإعلان عن جائزة نوبل للطب، وفاز بها كل من العالم اليابانيّ "ساتوشي أمورا"، والعالم الأيرلنديّ "ويليام كامبل"، والعالمة الصينية "يويو تو"؛ تقديراً لإنجازاتهم في مجال الأمراض الطفيلية. لكن باقي الجوائز لن تسلم حتى احتفال العاشر من ديسمبر المقبل، وهو يوم وفاة ألفريد نوبل، كما كان يتخيل بالضبط.