خطيب الحرم المكي : الحفاظ على البلاد والالتفاف حول ولاة الأمر واجب شرعي
  • Posted on

خطيب الحرم المكي : الحفاظ على البلاد والالتفاف حول ولاة الأمر واجب شرعي

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد، المسلمين بتقوى الله عز وجل ومحاسبة النفس. وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم: في توديع عام واستقبال آخر: يجدر بالنفس أن تقف وقفة محاسبة، وقفة صدق وتفكر واعتبار ومساءلة؛ فمَن حاسب نفسه في دنياه خف عليه حسابه في أخراه، ومن أهمل المحاسبة دامت عليه الحسرة، وساءه المنقلب والمصير، ومن غفل عن نفسه ضاعت أوقاته واشتدت عليه حسراته، وأي حسرة أعظم من أن يكون عمر العبد عليه وبالاً، لا يزداد فيه إلا جهالة وضلالاً. وأضاف: خير مذكّر وأعظم واعظ ذِكرُ هادم اللذات ومفِرَق الأحبة والجماعات؛ جدير بمن الموت مصرعه والقبر مضجعه والقيامة موعده والجنة أو النار مورده؛ ألا يكون له تفكير إلا في المصير والنظر في العاقبة؛ فالقبر مقر، وبطن الأرض مستقر، تفكير في الأجل، والاستعداد له، والاهتمام به؛ فإن كل ما هو آتٍ قريب، وأما ما ليس بآت فهو البعيد، مَن ذَكَر الموت حقيقة ذكره رَشّده في لذاته، وزهّده في آماله، ذِكرُ الموت يورث الحذر من الدنيا الفانية، والاشتغال بالدار الباقية. وأردف إمام وخطيب المسجد الحرام: أنجع طريق لذكر الموت أن يذكر المرء أقرانه الذين مضوا، فيتذكر مناصبهم، وأحوالهم، وأعمالهم، وآمالهم، كيف محا التراب صورهم، وبدد أجزاءهم، الأزواج ترملت، والأطفال تيتموا، والأموال قُسمت، والمجالس منهم خَلَت، وآثارهم انقطعت، خلفوا الأحباب، وتقطعت الأسباب، عفت عليهم الآثار، وخلت منهم الديار، والسعيد من وُعظ بغيره. وبيّن الدكتور "ابن حميد" أن الناس علموا أن الموت ليس له سن معلوم، ولا زمن معلوم، ولا مرض معلوم، وما ذلك إلا ليكون كل امرئ على أهبة الاستعداد؛ فيعيش ابن آدم في الدنيا من أجل التهيؤ للحياة الآخرة؛ ليرى ما عمل ويحصد ما زرع. وتابع: الإيمان لا يقبل إذا حضر الموت، والتوبة لا تنفع إذا غرغر العبد، وإذا نزل الموت تمنى المرء العودة إلى الدنيا؛ فإن كان كافراً فلعله أن يسلم، وإن كان عاصياً فلعله أن يتوب، وحينما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه)، قالت عائشة أو بعض أزواجه: "إنا لنكره الموت"؛ فقال عليه الصلاة والسلام: (ليس كذلك ولكن المؤمن إذا حضره الموت بشّر برضوان الله وكرامته؛ فليس شيء أحب إليه مما أمامه، فأحب لقاء الله وأحب الله لقاءه، وإن الكافر إذا حضر بشر بعذاب الله وعقوبته؛ فليس شيء أكره إليه مما أمامه، فكره لقاء الله، وكره الله لقاءه). وقال خطيب الحرم المكي : ما يحدث للميت حال الاحتضار لا نشاهده ولا نراه؛ ولكن نرى آثاره، وأهل الإيمان حال الاحتضار {تتنزل عليهم الملائكة}كما قال جمع من أهل التفسير: {ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون، نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة}، ويقول الحافظ بن الجوزي رحمه الله: "من أطرف الأشياء إفاقة المحتضر عند موته؛ فإنه ينتبه انتباهاً لا يوصف، ويقلق قلقاً لا يحد، ويتلهف على زمانه الماضي، ويود لو يتدارك ما فاته، ويصدق في توبته على مقدار يقينه بالموت، ويكاد يقتل نفسه قبل موتها بالأسف". وأضاف: الآجال مضروبة والأيام معدودة، والأرزاق مقسومة، ولن يعجل الله شيئاً قبل أجله ولن يؤخر شيئاً بعد موعده، ونعوذ بالله من عذاب في النار، وعذاب القبر، ونحذّر من أن يكون عمرك عليك حجة، وأيامك عليك شقوة، إن الموت لا يستمع لصرخة ملهوف، ولا لحسرة مفارق، ولا لرغبة راغب، ولا لخوف خائف محذراً من أن يكون خوف العبد من الموت قلقاً منه على الحياة. وقال الشيخ الدكتور صالح بن حميد: ومن وقفات المحاسبة والنظر في العواقب والاعتبار بالأحداث، الخوفُ من مضلات الفتن، فتن تتزين أو تتسلل بألقاب مغلفة، أو أقنعة مزخرفة، فيمتطيها الأشرار، ويفتن بها الأغرار، ومما يستحق التوقف والتأمل في المضلات ما تجلبه الغفلة، وإن من أعظم ما تجلبه الغفلة الملل من نعم الله، والرغبة في التغيير؛ استبدالاً للذي هو أدنى بالذي هو خير، وهل رأيتم بعد نعمة الإسلام أعظم من نعمة الأمن، ورغد العيش واجتماع الكلمة. وأضاف: ما أشبه الليلة بالبارحة؛ حينما ترى غافلين أو أعداء حاقدين يدعون إلى حراكات وتجمعات، وكأنهم ما علموا؛ بل لقد علموا أنها مستنقع وبيء تغرق فيه الشعوب، وتكثر فيه الأوبئة والأمراض، وتفتح فيه الأبواب العريضة للتشرد والمنكرات؛ متسائلاً: أي عقل لمن ينادي ليهدم بيته، ومن ثم يفترش الغبراء، ويلتحف السماء، ويعيش في العراء؟ وهل من عاقل يخلع ثيابه ليبدئ سوأته، ويكشف للناس عورته؟ كيف يسعى عاقل للتنكر للنعم، ليستنزل العقوبات والنقم؟! مؤكداً أنها دعوات تقوم على الإفساد، والخروج على الجماعة والإمامة، ومنازعة الأمر أهله؛ وذلك لا يحل في ديننا ولو بشطر كلمة، لا يمكن لسويّ أن يسعى في خراب بيته، وتمزيق وطنه، وتشتيت أهله، وتعريض دمه وعرضه للخطر. وأردف: غير المخلص لا يصنع فكراً، وغير الصادق لا يحمي وطناً، والمنافق يوافق إذا خاف وطمع، ويتنكر إذا أمن وشبع، يمشي مع أطماعه، إن وافقت وافق، وإن تغيرت تغير، قد عميت عندهم جميعاً البصائر، تناقضوا وهم لا يشعرون؛ أما مسارات أصحاب الفطر السليمة والعقول المستقيمة وشاكري النعم والفارين من الفتن؛ فيلتزمون ما جاء به الشرع المطهر، وزخرت به نصوص الكتاب والسنة؛ من وجوب الاجتماع، ونبذ الفرقة والضياع، جمعاً للكلمة، وقطعاً لدابر الفتنة. وتابع: إننا في هذه البلاد المباركة بلاد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية نعيش في نعم عظيمة، وآلاء جسيمة، ومِنَحٍ من ربنا جليلة، نسأله سبحانه بمنه وكرمه أن يُديمها ويتمها ويحفظها. وقال خطيب الحرم: وما حال من حولكم منكم ببعيد، ممن ذاقوا ويلات الفتن، ومآسي الخروج على الحكام، أعاد الله لهم أمنهم، وجمع على الحق كلمتهم، ورد عليهم غربتهم.. إن الحفاظ على البلاد، والالتفاف حول ولاة الأمور واجب شرعي يقول عليه الصلاة والسلام: (يلزم جماعة المسلمين وإمامهم) وإن مسؤوليتكم -والموقف موقف محاسبة- أن تجتهدوا وتصدقوا في تحصين أنفسكم وأهليكم من هذه الفتن بلزوم فهم السلف الصالح، ومسلك أهل السنة والجماعة، في لزوم السمع والطاعة، والدعاء بالثبات والصلاح والإصلاح. قد يعجبك أيضا: هيئة تطوير الرياض تستكمل استعداداتها لاحتفالات "اليوم الوطني: [vod_video id="3CjApVGRYXS1SrzpxlA9Fw" autoplay="1"]