إذا تداخل العديد من المفاهيم في حياتنا، فحينها قد نعجز عن تفسير وتحليل الأمور، فقد يحدث الخلط أحياناً بين مفهومي الشك والغيرة، فعلى الرغم من تقارب المغزى، إلّا أنّه ربّ شعرة تفصل بين المفهومين. تشير إحدى الدراسات إلى أنّ الشك يعتبر من المشاعر الإنسانية الطبيعية التي قد تسيطر على الإنسان تجاه بعض الأشخاص أو المواقف، ما يسبّب الحيرة والارتياب. مؤكدة أنّ دخول الإنسان في دائرة الشك يعني وقوعه في مرحلة وسطى ما بين التصديق والتكذيب، لكن إذا زاد الأمر على الحد فإنه يعتبر في تلك الحالة من الحالات المرضية التي تحتاج التدخل العلاجي. كما أشارت دراسة أخرى إلى مفهوم الغيرة باعتباره حالة انفعالية يشعر بها الإنسان تجاه الآخرين، لكنه يحاول إخفاءها، وتتولد الغيرة عادة بسبب انعدام الثقة بالنفس. وفي هذا السياق تقول "الدكتورة فاطمة محمدي- الاخصائية النفسية" هناك بعض العوامل المسؤولة عن صفة أو مشاعر الشك: - طبيعة وتكوين الشخصية ذاتها. - العوامل الوراثية والتنشئة الاجتماعية. - وجود بعض الاضطرابات النفسية. مشيرة إلى أنّ الإحساس بالشك تجاه الآخرين قد يظهر بشكل عرضي من خلال موقف بعينه، أما إذا كان ملازماً للإنسان مرافقاً له أينما ذهب، فيعد ذلك نوعاً من الخلل واضطرابات الشخصية. كما أضافت أنّ مشاعر الغيرة متأصلة بطبيعتها في النفس البشرية، وقد تحمل مزيجاً من الشعور بالفشل والغضب، أما الشعور بالغيرة المفرطة فإنّه يعد إحدى الحالات الإنسانية غير السوية، حيث تتجلّى معالم الشخصية النرجسية ما يجعل الشخص يسعى جاهداً ليكون محور اهتمام الآخرين. مؤكدة أنّ هناك علاقة بين الغيرة والشك، حيث إن سيطرة مشاعر الغيرة على الإنسان في بعض الأحيان قد تؤدي إلى تكاثر الشكوك بداخله، ما يجعله يصنع بعض الأفكار والتصورات في مخيلته، والتي تفتقر إلى المنطق في كثير من الأحيان، ومن ثم قد يكون ذلك متبوعاً ببعض السلوكيات غير السوية. محذّرة من خطورة استسلام الإنسان لبعض المشاعر السلبية التي قد تتملكه في بعض الأحيان مثل الشعور بالغيرة والشك، لأنّ ذلك من شأنه زعزعة الثقة في نفسه والآخرين، وأيضاً هدم إطار العلاقات الاجتماعية الخاصة به. وفي نفس الإطار يعلق "الدكتور هاني الغامدي- المحلل النفسي" في برنامج "سيدتي" المذاع على قناة روتانا خليجية قائلاً: مشاعر الغيرة قد تكون إيجابية بدافع الحب في بعض الأحيان، وقد تكون سلبية تعبّر عن الرغبة في التملّك والسيطرة في أحيان أخرى. مشيراً إلى أنّه بالحديث عن الزواج، فإنّ مشاعر الغيرة قد تتولد نتيجة بعض المواقف الاستفزازية بين الطرفين، ما قد يؤدي إلى تصعيد الأمر ووقوع بعض المشكلات. مؤكداً أنّ الشعور بالغيرة على نحو معتدل هو أمر طبيعي في إطار العلاقات الزوجية المتوازنة، أما إذا ظهرت بعض البوادر التي تستدعي الغيرة فهذا يدخل الإنسان في دائرة الشكوك. مضيفاً أنّ الغيرة المفرطة غير المقبولة اجتماعياً قد تتمثل في رفض الزوج أو الزوجة ظهور شريكه أمام الآخرين خشية أن ينال إعجابهم، وهو نوع من المشاعر المضطربة التي قد تصوّر للشخص أنّه قد يفقد شريك حياته بسبب ذلك، ما يدفعه إلى الإقدام على بعض السلوكيات غير السوية. موضحاً أنّ مفهومي الغيرة والشك هما نتاج طبيعي لحالة انعدام الثقة في النفس والآخرين، وبالنسبة للعلاقة الزوجية فإنّ المفهومين يحدث بينهما علاقة تبادلية فالشعور بالغيرة قد يولّد الشكوك والعكس. مشدّداً على ضرورة تحكّم كل إنسان في ذاته، والسيطرة على المشاعر الهادمة حفاظاً على علاقته بالآخرين، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بالعلاقة الزوجية.