جلس هو ولوحاته بين شواهد القبور، في حالة صمت خالية من أي انفعالات، وكأنه يخشى أن يجرح هيبة المكان، الذي اختار أن يقيم به معرضه. منصف بن جميع، فنان تشكيلي تونسي ، قرر أن يقيم معرضه الفني في مقبرة "العين"، بمحافظة بنزرت شمال تونس، في محاولة منه للتعبير عن حالة اليأس والخيبة التي وصل إليها، حيث قضى حياته في الفن التشكيلي، وبالنهاية لم يجنِ سوى الجحود والنكران. [foogallery id="251059"] وجد "بن جميع" أن من في بلاده يتجاهلون المبدعين طيلة حياتهم، وعندما يفارقون الحياة ينصبون لهم المنابر، ويلقون في جنازتهم آلاف الخطب والمرثيات، ولذا قرر أن يسبق الأحداث، ويقوم بعرض لوحاته على الموتى، لعلهم يشعرون بمأساته ومأساة العشرات من المبدعين المقهورين في هذا البلد. استيقظ بن جميع في الصباح الباكر، وحمل عشرات اللوحات من أعماله الفنية، وذهب بها إلى مقبرة العين بمحافظة بنزرت شمالي تونس، وما أن وصل إليها حتى قام بتركيز لوحاته بين أضرحة الموتى، وجلس يتأملها في مرارة وصمت. وقال بن جميع "لم أقصد أبدا تدنيس المقابر، ولم أُرد إزعاج الموتى في قبورهم، لكني أردت أن ألفت انتباه السلطات في بلادي بشكل رمزي إلى الحال الذي وصل له المبدع والفنان، والذي لم يعد له أي اعتبار أو قيمة، وكل ما أردته هو الاحتجاج على وضع ثقافي وفني مأساوي في تونس". وعبر الفنان التونسي عن حزنه لعزوف التونسيين عن زيارة المعارض الفنية والرسوم التشكيلية، خاصة بعد الثورة وحالة الفوضى التي وصل إليها قطاع الثقافة في البلاد. يذكر أن هذه  ليست المرة الأولى التي يحاول بها فنان تونسي لفت السلطات إلى الحال الذي وصلوا إليه، فمنذ أيام أحدث فنانا تونسيا من نفس المدينة ضجة كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث اختار أن يحتج على التلوث المتفشي بالمدينة بطريقته الخاصة، حيث قام بعزف مقطوعة موسيقية على آلة البيانو في مكب للقمامة.