العمرة.. رحلة إيمانية تتطلب الحذر!
  • Posted on

العمرة.. رحلة إيمانية تتطلب الحذر!

رغم أن رحلة العمرة إلى بيت الله الحرام هي رحلة إيمانية بكل ما تحمله الكلمة من معنى إلا أن حوادث تلك الرحلة الكثيرة والمتكررة صارت مصدر قلق كبير يدعو الجميع إلى وقفة جادة لتفاديه أو محاولة تقليله على الأقل، فالله أمرنا بطاعته، ومن طاعته أن يحافظ أحدنا على نفسه ومن معه امتثالاً لقوله تعالى: "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة".وقد اتفق معظم الباحثين والمهتمين بالمشكلات المرورية وحوادث الطرق على أن العنصر البشري يمثل أكثر من ثلثي أسباب تلك الحوادث المفزعة التي تقع للمعتمرين وغيرهم بنسبة قد تتعدى 85 في المئة، يضاف إلى ذلك مجموعة أخرى من الأسباب مثل: تجاوز السرعة المسموح بها، ونقص كفاءة وتجهيز وسيلة النقل، والمخالفة المرورية، ونقص الانتباه والتركيز من السائق، والقيادة في ظروف مناخية غير مناسبة، وأخيراً القيادة في حالات نفسية وانفعالية قوية، فإذا كان البحث عن سلامة القلب وزيادة الحالة الإيمانية مطلوباً، فإن البحث عن سلامة الجوارح والبدن كله مطلوب أيضاً، فالضرورات الخمس التي أوجبها الإسلام شملت كلاً من النفس والدين، ثم إن الحج وهو ركن من أركان الإسلام يسقط وجوبه في حال انعدام الأمن، ما يدعونا إلى تأجيل رحلة العمرة أو عدم القيام بها إلا بعد التأكد من توفير الظروف المناسبة لها أخذاً بأسباب السلامة، فما يضير المسلم أن يخرج للعمرة في مركبة سليمة ومع سائق محترف يملك وعيه، وفي ظروف مناخية طبيعية حتى إذا عاد أكمل حياته في ظروف إيمانية أجمل من ذي قبل.ونورد ما ذكره الدكتور ألكسندر نورباش في محاضرة له أن معدلات وفيات الحوادث المرورية عموماً في السعودية تماثل ضحايا الحروب، كما أن السعودية تحتل المركز الأول عالمياً في عدد حوادث الطرق.وأشار نورباش خلال محاضرته التي ألقاها في المؤتمر السنوي الأول لمستجدات البحث العلمي في الطب والعلوم الطبية بجامعة الدمام أخيراً، إلى أن معدلات الحوادث في السعودية بلغ 100 لكل 100 ألف نسمة سنوياً، في حين لا يتجاوز هذا المعدل في ولاية بوسطن الأمريكية على سبيل المثال 13 لكل 100 ألف سنوياً.وحتى تتضح الصورة نذكر أمثلة على حوادث العمرة التي وقعت هذا العام فقط لندرك حجم تلك المشكلة المؤرقة، ولن نبدأ من بعيد، فاليوم وقع حادث بين حافلة معتمرين وشاحنة أصيب فيه 32 معتمراً على طريق المدينة المنورة "كيلو 130"، وتم نقل 4 إصابات خطيرة عن طريق الإسعاف الجوي لمستشفى الملك فهد، و4 حالات متوسطة عن طريق الفرق الأرضية، و12 حالة بسيطة عن طريق الفرق الأرضية لمستشفى الميقات ومستشفى أحد، و12 حالة بسيطة عن طريق إسعافات الشؤون الصحية.وفي حادث سابق وقع منذ ثلاثة أسابيع أصيب سبعة معتمرين من الجنسية الهندية في حادث للحافلة المقلة لهم على طريق المدينة المنورة ـ مكة المكرمة "قرب مركز اليتمة" ثلاثة منهم حالاتهم خطيرة.كما وقع حادث في تاريخ السابع من يوليو الجاري تسبب فيه الغبار الكثيف الذي حد من مدى الرؤية على طريق المدينة المنورة ـ مكة المكرمة في حوادث مروعة لسبع سيارات كانت حصيلتها وفاة شخصين وإصابة عشرة.وفي يوم الخميس الموافق 19 مارس من العام الجاري لقي 3 معتمرين مصريين مصرعهم وأصيب 27 آخرون في حادث انقلاب أتوبيس بطريق الهجرة بالمدينة المنورة.وفي الـ29 من يونيو الماضي لقي ثمانية أشخاص مصرعهم، بينهم ستة من عائلة واحدة في حادث تصادم مروع على طريق "الطائف ـ الباحة" بمنطقة مكة المكرمة.إن ما سبق، وهو غيض من فيض يدعونا إلى أهمية وضع استراتيجية وطنية تفرض اتباع قواعد السلامة في قيادة المركبات والالتزام بحزام الأمان الذي يقي من إصابات الرأس الناتجة من الحوادث المرورية التي سجلت حالات الوفاة نتيجتها نحو 2.8 حالة وفاة يومياً، إضافة إلى وضع تقنين لأداء شعيرة العمرة، خصوصاً بالنسبة إلى معتمري الداخل، علماً أن السعودية منحت أكثر من 5.8 مليون معتمر تأشيرات لأداء العمرة، خلال شهر شوال وحتى منتصف ذي القعدة المقبلين، واللذين يعتبران موسم العمرة الرئيسي قبل بدء موسم الحج.كما أنه لابد من أن تتزامن التوعية الإعلامية والدينية بضرورة اتباع أساليب السلامة في أداء شعيرة العمرة، خصوصاً في ظل ما يشهده الحرم الشريف من أعمال توسعة دفعت الحكومة إلى تقليص عدد المعتمرين في آخر ثلاث سنوات إلى نحو 6 ملايين معتمر.