التخلف بديلاً عن نصر أكتوبر
  • Posted on

التخلف بديلاً عن نصر أكتوبر

ذكرى حرب أكتوبر تثير شجون فكرة النصر في الذاكرة العربية وسط المرارات الكثيرة التي ظللنا نعانيها لعقود، فنحن انتصرنا في معركة وليس في حرب الأمن والاستقرار والازدهار والسلام والنمو والتطور، إذ لا تزال كثير من مجتمعاتنا العربية بما فيها مصر وسورية اللتين خاضتا الحرب بصورة أساسية، تعانيان الصراعات والانقسامات وويلات الحروب الداخلية، ولذلك فإن النصر الحقيقي لم يأت بعد، ولا نزال ننتصر.وفي الواقع ينبغي علينا أن نتوقف في محطة أكتوبر ليس بصورة احتفالية واحتفائية رغم أن ذلك ينعش الذاكرة بأننا يمكن أن ننتصر ونتفوق عسكرياً وحربياً، ولكن الأهم جرْد الحساب في معارك التنمية، لأننا حين نقيس النتائج مع إسرائيل التي هزمت في تلك الحرب فإننا نجدها أكثر تطوراً في التقنيات العسكرية والبحث العلمي ورفاهية مواطنها، بغض النظر عن مساوئها الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولكنها تجاوزت الهزيمة فيما بقينا أسرى لانتصار وحيد ويتيم ترتبت عليه هزائم بداخلنا جعلتنا نعيش عدم استقرار مزمن.التعامل مع نتائج أكتوبر بصورة تتجاوز الحقيقة التي حصلنا عليها بعد الحرب، يضعنا في مسار غيبوبة وأوهام وتضييع فرص الأجيال في النمو والتطور، وذلك بالتأكيد يجعل تلك الحرب سبب أزمة ومشكلة في الواقع العربي، وبدلاً من تحفيزنا للعمل والإنتاج تجعلنا نحتفل ثم نحتفل وننسى الواقع المؤلم الذي تتراجع فيه كل معطيات النمو في الصحة والتعليم والبحث العلمي ورفاهية المواطن العربي، وبالتالي نخسر الحرب ولا نربحها، إذاً نحن نصنع الهزيمة بأيدينا عندما لا نحسن التعامل مع متغيرات ومجريات الواقع، لأننا نتحول إلى مجتمعات غير واقعية ولا تواكب الزمن الذي يمضي ونبقى في محطة أكتوبر، وحين ننظر إلى شعوب ودول ومجتمعات أخرى كيف كانت حين انتصرنا وأين وصلت الآن فإنها تفوقنا في كل شيء تقريباً، وتلك حالة مأساوية مريعة يفترض أن تقودنا إلى البحث في حقيقة الانتصار الذي تحقق وجعلناه تمثالاً للنصر يكسوه الغبار كما يكسو العقول والإرادة الوطنية لدينا، نحن نتخلف وغيرنا يتقدم، للأسف ذلك حصاد أكتوبر الذي أضعناه، وضاعت معه مجتمعاتنا تبعاً لاحتفاظنا بالماضي وتجاهلنا للحاضر والمستقبل.