‫كامي دي روندا.. وجه كوستا برافا الهادئ
  • Posted on

‫كامي دي روندا.. وجه كوستا برافا الهادئ

تشتهر كوستا برافا بأنها واحدة من أجمل الشواطئ الإسبانية التي تجتذب أعداداً كبيرة من السياح من جميع أنحاء العالم بفضل ما تزخر به من فنادق فاخرة ومطاعم راقية وأجواء طبيعية ساحرة. ولكن طريق التجول الساحلي كامي دي روندا يتيح للسياح فرصة التعرف على الوجه الآخر المجهول إلى حد كبير لمنطقة كوستا برافا، حيث تكثر الخلجان المنعزلة والطبيعة البكر التي لم تعبث بها يد الإنسان والقرى الصغيرة التي يخيم عليها الهدوء والسكينة.‬‫ الابتعاد عن الضجيجوفي الصباح الباكر يخرج السياح وهم يحملون حقائب الظهر ويمسكون بعصي التجول لمسافات طويلة ويسيرون على كورنيش الشاطئ في مسار متعرج. وبمجرد أن نزل المتجولون الدرج الحاد أسفل قلعة «دين بلاجا» عند نهاية الشاطئ، وجدوا أنفسهم في عالم من الهدوء والسكينة، بعيداً عن صخب الأماكن السياحية التي تعج بالسياح والضجيج.‬كما تفوح في المكان رائحة أشجار الصنوبر، وتلمع مياه البحر المتوسط في هدوء تحت أشعة الشمس الدافئة. ويمتد طريق التجول الساحلي الذي يُعرف باسم GR-92 لمسافة 200 كيلومتر تقريباً في منطقة كوستا برافا ما بين مدينة بلانس الساحلية، والتي تقع في مقاطعة كاتالونيا الإسبانية، ومدينة بورتبو المتاخمة للحدود الفرنسية، وقد استخدم الصيادون هذه الدروب الساحلية القديمة منذ عدة قرون.‬ويمر طريق التجول الساحلي عبر بعض خلجان الاستحمام المنعزلة، التي لا يمكن الوصول إليها إلا بصعوبة بالغة مثل كالا موريشا أو كالا مولتو، وبعد فترة وجيزة من الوقت يصل المتجولون إلى منطقة اللسان المعروفة باسم «بونتا دي كاردس توسا دي مار».‬وتحيط أشجار التين الشوكي بالدرج الطويل الذي يبدأ من المنحدرات الحادة ليصل إلى البلدة الساحلية التي ترجع إلى القرون الوسطى. وهنا يبدأ السياح في التقاط بعض الصور الفوتوغرافية لهذه المناظر الرائعة، حيث يبدو في المشهد الأسوار الدفاعية ذات الشرفات والأبراج المحصنة، التي كانت توفر حماية لهذه البلدة الصغيرة ضد هجمات القراصنة خلال القرن السادس عشر.‬‫ ‬‫طبيعة حالمة‬وعلى الرغم من أن منطقة دوسا دي مار تكون مزدحمة بالسياح خلال فصل الصيف، إلا أن المدينة القديمة ذات الطابع الرومانسي والشاطئ الطويل تدعو المتجولين للاسترخاء والتخلص من عناء التجول لمسافات طويلة. ويتعرف السياح أثناء التجول في منطقة كامي دي روندا حتى يصلوا إلى خليج جيفيرولا ذي الطبيعة الحالمة، على السبب الذي دعا الكاتب الكاتالوني فيران أغوللو 1908 إلى تسمية هذه المنطقة باسم كوستا برافا، بمعنى «الساحل البري». ويمر طريق التجول في كثير من الأحيان بالمنحدرات الشديدة والخلجان التي لم تعبث بها يد الإنسان، والتي يصعب الوصول إليها.‬وبدءاً من البلدة الساحلية سانت فيليو دي غيكسولس يصبح طريق التجول أكثر سهولة، لكنه يكون أكثر ازدحاماً. وبدءاً من منطقة ساأغارو يبدأ العديد من السياح الآخرين في الانضمام إلى المتجولين في رحلتهم الممتعة.‬ومن الملاحظ أن المتجولين يمشون بخطوات متسارعة على الشواطئ الشهيرة مثل بلاتخا دارو أو بالاموس، كما اعتادوا أثناء التجول في الأجزاء المنعزلة من طريق التجول الطويل. وبعد فترة وجيزة من المرور على شاطئ بالاموس يصل السياح إلى أروع جزء في منطقة كامي دي روندا.‬‫ ‬‫القلعة الأيبيرية‬ويصل السياح مرة أخرى إلى منطقة أكثر انعزالاً عبر الشاطئ الرملي الطويل في منطقة روكا فوسا، وتنتشر غابات الصنوبر الكثيفة التي تحمي السياح من أشعة الشمس. ويمر المتجولون بقرية الصيادين القديمة بينيدا دين غوري التي تقع في خليج كالا سالغوير إلى أن يصلوا إلى قرية القلعة الأيبيرية الواقعة على أحد المنحدرات الشديدة.‬وترجع بقايا هذه القلعة إلى القرن السادس قبل الميلاد. ويمتد شاطئ بلاتخا دي كاستيل لمسافة كبيرة ويعتبر واحداً من أجمل شواطئ كوستا برافا، وعلى الجانب الآخر يوجد كهف لافورادادا. ويصبح طريق التجول أكثر جمالاً في هذه المنطقة حيث تتابع الخلجان الرائعة الواحد تلو الآخر، وفي كل مرة يشتاق السياح إلى خلع أحذية التجول والقفز في المياه الفيروزية الصافية.‬وبدءاً من منطقة تاماريو، التي تقسم كامي دي روندا إلى قسمين حتى بلدة باغور، يمر طريق التجول بكثير من الشواطئ الخلابة والطويلة على خليج أوغوبلافا. وقد قام الرومان بتأسيس بلدة باغور التي ترجع إلى العصور الوسطى والتي تمتاز بأسوارها العتيقة والمباني الاستعمارية لبعض العائدين من أمريكا.‬وتعلو البلدة أطلال قلعة مهيبة كانت تتولى حمايتها في الماضي. وهنا يتاح للمتجولين إمكان اختيار الطريق الذي يفضلونه، مثل الطريق الذي يمر بخليج كالا دي سا تونا ذي الطبيعة البرية الحالمة، وبعد ذلك يمر السياح بثاني أطول شاطئ في كوستا برافا، الذي يمتد لمسافة 10 كيلو مترات. علاوة على أنه يمكن للسياح المرور من المناطق الداخلية بمنطقة كوستا برافا.‬وعندما يسلك السياح طريق التجول داخل المناطق الداخلية تصبح الطبيعة قاحلة وتفقد طابع البحر المتوسط الذي تمتاز به، لكنها تحتفظ بجمالها. وتكثر التعرجات بشواطئ كامي دي روندا بدءاً من مرفأ الصيادين دي لا سيلفا على الساحل الذي يتخذ شكل هلال وصولاً إلى بلدة بورتبو.‬وينبغي على السياح القيام بجولة إلى جبل فيرديرا، إذا كان بإمكانهم القيام بذلك، حتى يستمتعوا بزيارة دير سانت بير دي رودس الذي يرجع إلى القرن الحادي عشر الميلادي. ويصل طريق التجول بالسياح إلى محطته النهائية في بلدة بورتبو على الحدود الفرنسية.