"الحب يأتي بعد الزواج" أو "الحب نهايته الزواج"، عبارة كثيراً ما سمعناها، لكن الحب قيمة في حد ذاتها لا تخضع للقيود المكانية والزمانية، فما مدى صحة تلك الافتراضات التي تضع إطاراً زمنياً لمفهوم الحب بين الزوجين؟!
أشارت إحدى الدراسات الأمريكية المثيرة للجدل إلى أنّ العمر الافتراضي للحب هو ثلاث سنوات فقط من الزواج، بعدها تبدأ وتيرة الحب في الانخفاض وتعلو نبرة المسؤوليات وروتين الحياة اليومية، فالحب يكون مشتعلاً خلال تلك السنوات ثم يخف تدريجياً، وقد يحتاج الزوجان فترة مناسبة قرابة العام لمحاولة تدارك الأمر وقبول تلك الحقيقة.
كما أكدت الدراسة أنّ الرتابة والملل قد يسيطران على الحياة الزوجية بعد انقضاء مرحلة الحب، وقد ينتهي الأمر بالنفور والكراهية، ما قد يدفع الطرفين للانفصال في بعض الأحيان.
ترى "هبة نبيل- معلمة" أنه لا فرق بين الزواج عن حب مسبقاً والزواج التقليدي، فالحب يتحوّل مع الوقت بين الزوجين إلى نوع من التعوّد والعشرة فقط.
بينما تعلّق "مها السيد- ربة منزل" بأنه لا يوجد ما يسمى "العمر الافتراضي للحب"، لأنّ السعادة الزوجية هي قرار وليست اختياراً، وهذا الأمر يتوقف على الزوجين.
وفي هذا السياق يقول "محسن العسيري- مستشار العلاقات الأسرية": لا خلاف على أنّ الحب قد يختفي بين الأزواج، لكنه لا ينتهي، لأنّ محله القلب، ففي فترة الخطوبة مثلاً قد يصل الحب إلى ذروته، حيث يعتبر كل طرف أنّ الآخر هو وقود حياته، وهنا تظهر معاني التضحية والتفاني.
مشيراً إلى أنه قد يقل التواصل بين الطرفين تدريجياً وتهدأ وتيرة الحب شيئاً فشيئاً ويظهر الفتور في العلاقة، بسبب ضغوط الحياة اليومية، فيختفي الحب، أي يظل راقداً أسفل كومة من الغبار المتراكم والمتمثّل في الروتين اليومي ومشاكل الأبناء وخلافه.
ويوضّح العسيري أنه لا يوجد عمر افتراضي للحب، لأنّ الأمر نسبي يختلف من شخص لآخر، لذا فالمقياس الزمني أمر خاطئ لا يمكن تطبيقه على الجميع، مؤكداً ضرورة تجديد الحب من خلال:
- المعاملة الطيبة والإحساس بمتطلبات الآخر.
- تبادل العبارات الرقيقة لجعل المشاعر مشتعلة دائماً.
-استعادة الذكريات الجميلة حتى يتجدد الحب.
- تقديم الهدايا في المناسبات المختلفة.
وقد جاء معلّقاً في نفس الإطار "علي العتيبي- خبير التنمية البشرية" في برنامج "سيدتي" المذاع على قناة روتانا خليجية، بأنّ الحب هو أساس جميع العلاقات الإنسانية، وهو حجر الزاوية بالنسبة للحياة بصفة عامة.
مؤكداً عكس الدراسة السابقة بأنّ الحب لا ينتهي بعد الزواج إلا بأمر الزوجين، فهو يتوقف على رغبة الطرفين في التواصل والاستمرارية ومدى نجاحهما في إدارة مؤسسة الزواج.
مشيراً إلى أنّ اعتبار الزواج مجرد غاية يريد الإنسان بلوغها هو الذي يتسبب في القضاء على الحب بعد فترة من الزواج، لكن من الأحرى أنْ يتخذ الزواج كوسيلة للحصول على الحب، وهذا هو أفضل ضمان لاستمرار وجود الحب بين الزوجين.
موضحاً أنّ المفهوم الصحيح للزواج لا يقوم فقط على فكرة علاقة بين طرفين يعيشان في مكان واحد، بل هناك بعض الأسس والقوانين التي تحكم تلك العلاقة، فالمودة والاحترام المتبادل هو النواة الأولى لتأسيس العلاقة الزوجية، وتدريجياً تنمو مشاعر الحب وتتوطد العلاقة بين الزوجين خاصة في ظل وجود الأطفال وهم ثمرة الزواج.
وقد حذّر العتيبي من خطورة الانشغال المفرط بمشاكل الأبناء والركض خلف المسؤوليات اليومية، الأمر الذي قد يؤدي إلى تناسي كل طرف حقوقه وواجباته تجاه الآخر.
مؤكداً أنّ علاقة الزواج لا تعني إبرام عقد لتملّك أحد الأطراف الآخر، لكن العلاقة الناجحة تعني البذل والعطاء من الطرفين لإنجاح العلاقة التكاملية التي تقوم في الأساس على مفهوم الشراكة.
وعلى ذلك يتوجّه العتيبي ببعض النصائح للأزواج من أجل استمرار الحب بينهما:
- أنْ يحرص كل طرف على تفهّم الطرف الآخر.
- إقصاء الأطراف المتعددة وعدم السماح لأحد بالتدخل في شؤون الحياة الزوجية.
- النظرة المستقبلية للزواج، يجب التخطيط الجيد من أجل إدارة ناجحة للزواج.
- أن يكون كلاهما على قدر كبير من المسؤولية تجاه الآخر وتجاه البيت، بما يمكنهما من الاستمرار في علاقة ناجحة قائمة على الحب والتفاهم.
