"تهادوا تحابوا" هكذا علمنا الرسول الكريم- صلى الله عليه وسلم- فتبادل الهدايا بين الأشخاص من أجمل وسائل التعبير عن بعض المعاني السامية مثل الحب والتقدير، ولا يشترط أنْ ترتبط الهدية بمناسبة، فالأمر يتطلب مجموعة من المشاعر الرقيقة التي تولّد الرغبة داخل الإنسان فيقدِم على شراء هدية لشخص بعينه.
وتشير بعض الدراسات إلى أنّ تقديم الهدايا واختيارها يكون وفقاً لمجموعة من العوامل النفسية التي ترتبط بالخلفية المعرفية عن الشخص الآخر، ما يدفع إلى التفكير في وسيلة ما لإسعاده، ويتم التعبير عن ذلك بشراء الهدية.
وتجدر الإشارة إلى أنّ التهادي بين الأشخاص لا يقتصر على المناسبات السعيدة فقط، بل يجب أنْ يكون من ألوان المؤازرة في بعض الشدائد كالمرض أو احتياج الآخر لمبلغ مالي مثلاً، فإنّ الهدية هنا تأخذ شكل المساعدة وتقديم العون ما يعمل على بث روح التعاون بين الجميع.
وفي هذا الإطار تقول "دكتورة نهى خطاب- استشاري الصحة النفسية": لا شك أنّ تقديم الهدايا أمر لا يخضع للصدفة، بل هو ناجم عن مشاعر ودوافع داخلية إيجابية تُحرِّك الشخص في سبيل البحث عن مهاداة آخر لإرضائه أو التودد إليه.
كما تعطي بعض المعايير يجب مراعاتها عند اختيار الهدايا:
- أنْ تتلاءم الهدية مع طبيعة المناسبة المقدّمة فيها.
- إذا كانت الهدية مقدّمة لشخص مقرّب إليك جداً، فأنت حتماً تعرف طبيعة تفضيلاته وذوقه العام.
- قد نحتار بين الهدايا العينية والمادية، لكن الأمر يتوقف على الشخص المهداة له، فغالباً ما يفضّل في مناسبات الزفاف تقديم الهدايا المادية للعروسين من الأقارب من الدرجة الأولى.
- الهدية عنوان صاحبها، أيْ أنها تعبّر عن مدى اهتمامه بالشخص المقدّمة له، ولا يعني ذلك أنّ الهدايا الأثمن هي الأعلى سعراً، لكن التفنن في اختيار الأنسب هو ما يشعر الآخر حقاً بقيمتها الحقيقية.
- تغليف الهدية على النحو اللائق من اللمحات البسيطة التي تضفي عليها معنى عميقاً، لأنّ ذلك في حد ذاته يعد نوعاً من التعبير عن اهتمامك بالشخص وحرصك على تقديم الأفضل له.
وفي السياق تعلّق "عبير فكيرة- المدرب المعتمد لفنون الإتيكيت" قائلة: الهدايا في حد ذاتها تعد أسلوباً أو رسالة للتعبير عن المودة والمحبة بين الناس.
مشيرة إلى أنّ اختيار الهدايا يجب أنْ يعتمد على المعرفة المسبقة بالشخص المهداة له، والقيام بالاختيار في ضوء ميوله واتجاهاته وأيضاً التعرّف على احتياجاته حتى تصبح الهدية في محلها، كما يجب أنْ تُناسب الهدية الموقف المقدّمة فيه، فمثلاً عند زيارة المريض، يجب تجنب المأكولات والحلويات التي قد تضره.
كما أثارت فكيرة نقطة مهمة تتكرر بشكل يومي في مجتمعاتنا العربية، وهي الهدية عند قدوم المولود، حيث عادة ما تكون الهدية مخصصة من أجل الوليد فقط، مع تناسي وجود الأم على الإطلاق.
مؤكدة أنّ مهاداة الأم بعد الولادة من الأمور الإيجابية التي تعد بمثابة تقدير لتعبها وتعبّر عن فرحة المقرّبين بأنها منحتهم هذا المولود الجديد.
وأشارت إلى أنّ الاعتماد على تقديم الزهور في شتى المناسبات ليس أمراً منطقياً، فالنساء مثلاً يحببن الورد لكنهن أيضا يحببن الأزياء والمجوهرات، لذا فإنّ الزوج الذكي هنا يعرف متى يقرر شراء هذا أو ذاك، أو التنوع بين الأمرين، إذاً فالهدايا تحتاج إلى نوع من التفنن في التفكير عند الاختيار.
مؤكدة أنّ متلقي الهدية تقع عليه بعض المسؤولية، وهي:
- تقديم الشكر والامتنان.
- تجربة الشيء المهدى إليه أمام الشخص الآخر، لأنه من الأمور التي تعمل على إشاعة جو الحب وإبراز مشاعر التقدير.