[rotana_image_gallery rig_images_ids="503544,503545,503546,503549,503550,503552,503553,503555,503502,503499,503498,503497,503492"]
الرياض ــ أشرف حجاج
عمان - سعد أبوعلي
هبة وسماح توأم سيامي جاءتا مع والدهما عمر الجيلي من السودان إلى المملكة العربية السعودية قبل 25 عاما، في محاولة لإنقاذ حياتهما بعد ولادتهما بعملية قيصرية نظرا لالتصاق جسدهما في مواضع عدة، علما أن نسبة بقاء التوائم الملتصقة على قيد الحياة تصل من 5 إلى 25 في المائة فقط.
روتانا.نت التقت هبة وسماح بعد سنوات طوال على إجراء عملية الفصل لهما، لترويان لنا قصة حياتهما التي كانت مادة دسمة لمختلف وسائل الإعلام المحلية والعربية منذ لحظة ولادتهما.
[vod_video id="JbLXKNeHCltZKaVgmZkhGw" autoplay="1"]
بداية القصة
عمر الجيلي والد التوأم السيامي كان يعمل رائدا في الشؤون الطبية التابعة للقوات المسلحة السودانية، حملت زوجته طوال سبعة أشهر والطبيب السوداني المُعالج لم يكن على علم بأنها تحمل توأما، وفي نهاية الشهر الثامن أبلغ الوالدين بأن الزوجة تحمل توأما سياميا، تلتصقان في مختلف أنحاء الجسد؛ لتتم الولادة بعملية قيصيرية وتخرج هبة وسماح إلى الحياة عام 1992م.
بعد الولادة، تخوّف الاطباء من إجراء عملية فصل التوأم داخل السودان، فقرروا البحث عن دولة أخرى، وبدأ الوالد بالتواصل مع مستشفيات في المملكة المتحدة وألمانيا والسعودية، ليتلقى اتصالا من إحدى مستشفيات بريطانيا تبلغه بان هذه النوعية من العمليات تتم على نفقة دولة الكويت، التي كانت في ذلك الوقت تعاني بعد الغزو العراقي.
عندها تواصل والد التوأم مع شقيقه المقيم في المملكة العربية السعودية، والذي أبلغه بان الراحل الدكتور محمد عبده يماني رئيس الصندوق الخيري (دلة البركة) آنذاك، قابله ووافق على إحضارهم الى السعودية، وبدأت اجراءات استقدامهم لإجراء العملية.
ثقته بالأطباء السعوديين انقذت حياة ابنتيه
بعد وصولهم إلى السعودية بدأوا بإجراء الفحوصات الطبية والاستعداد لعملية الفصل، وفي الأثناء هاتف الملحق العسكري السوداني، الوالد عمر الجيلي ليبلغه بأن إحدى مستشفيات ألمانيا وافقت على إجراء العملية للتؤام السيامي، ولكن ثقة الوالد بالأطباء السعوديين وما وجده من اهتمام ورعاية لمولودتيه من قبل الشيخ محمد عبده يماني ألقت في قلبه السكينة والطمأنينة ليواصل اجراءات تنفيذ العملية في المملكة.
فتوى شرعية للاستغناء عن احداهن
أثبتت الفحوصات الطبية التي أجريت في مستشفى الملك فيصل التخصصي بأن التوأم ولدتا بالتصاق أسفل الصدر والبطن والحوض ولكل منهما طرف سفلي واحد وتشتركان بطرف سفلي مشوه وكذلك تشتركان بالجهاز التناسلي والبولي وفتحة الشرج والقولون والكبد، وقد يتم الاستغناء عن احداهن أثناء العملية، وهو ما دفع الدكتور عبدالله الربيعة رائد جراحة فصل التوائم إلى طلب فتوى شرعية بعدم حرمة ما سيقوم به.
ويقول الجيلي "قابلت الدكتور عبدالله الربيعة ولدى مشاهدته للتقارير قال لي (انا كجراح مسلم لا يمكنني إجراء العملية كي أتخلص من احداهن وتعيش الاخرى الا ولدي فتوى شرعية بعدم حرمة ذلك)، فتواصلت مع مجلس الافتاء وقابلت سماحة المفتي الذي شاهد التقرير الطبي وكان الرد بأنه سيتم التواصل مع المستشفى".
ويضيف "بعد أيام تلقيت اتصالا من الدكتور عبدالله الربيعة، أبلغني فيه بأن سماحة المفتي طلب تشكيل لجنة طبية لدراسة حالة التوأم هبة وسماح"، فتم إلغاء الفحوصات السابقة وإجراء فحوصات جديدة، وبعد ثلاثة أشهر ظهرت نتائج الفحوصات الطبية الجديدة بأن العملية قد تتم بدون الاستغناء عن إحداهن ونسبة نجاحها تصل إلى 75 بالمئة.
18 ساعة في غرفة العمليات
استغرقت عملية فصل هبة وسماح في غرفة العمليات 18 ساعة متواصلة بعد مراجعة دقيقة وإجراء فحوصات طبية شاملة من فريق طبي سعودي يرأسه الدكتور عبدالله الربيعة في ثاني تجربة له، وتمت ولله الحمد بنجاح باهر بالرغم من خطورة حالة الفتاتين.
وخلال الساعات الـ18 حيث يجري الفريق الطبي السعودي عملية الفصل، كانت المُمرضة التي حملت التوأم الملتصق وأدخلته إلى غرفة العمليات، بمثابة عيون والدي هبة وسماح، فتتصل بهما نحو كل ساعة تقريبا لتطمأنهما على سير العملية.
حياة هبة وسماح
روتانا.نت التقت الفتاتين هبة وسماح بعد أكثر من 25 عاما على العملية أو كما تطلقان عليها (اللحظة الفاصلة) في حياتهما، للحديث عن السنين التي مرت منذ تلك اللحظة وحتى اليوم، حيث أشارتا إلى أنهما تمارسان الآن حياتهما الطبيعية دون أية مشكلات، وقد بلغتا من العمر 26 عاما، وتخرجتا من كلية النظم والمعلومات، وتعملان الان بوظيفة كاتب تأمين في احد المراكز الطبية بالعاصمة الرياض.
وتحدثتا عن الاهتمام الذي لمستاه من المجتمع السعودي، فتعلمتا في مدارس المملكة وتنقلتا مع والديهما في عدة محافظات وصار لديهما صديقات سعوديات من كل محافظة وهما إلى الآن على تواصل بتلك الصديقات، وتعيشان كما تعيش باقي الفتيات السعوديات حياتهن.
حياة عملية
كما أشرنا سابقا فإن هبة وسماح تعملان الآن في أحد المراكز الطبية في الرياض، ورغم صعوبة العمل مع أطراف صناعية لمدة 9 ساعات يوميا، فهما تمارسان حياتهما العملية بشكل طبيعي.
علاقتهما بالطبيب المُعالج
لا تنسى الفتاتان فضل الدكتور عبدالله الربيعة عليهما منذ أن أجرى العملية لهما وحتى الان، فقدم لهما المساعدة كثيرا لذا فإنهما على تواصل شبه دائم به، ووصفتاه بأنه "شخصية طيبة وبشوشة ويستقبل منهما أي طلب في أي وقت".
مبادرة لجمع التوائم السيامية
تقول هبة وسماح "عند مشاهدتنا لأي عملية لتؤام سيامي تتم في المملكة نفتخر بالدكتور عبدالله ونبارك له على نجاح كل عملية"، علما أن السعودية استحقت لقب مملكة الانسانية بإجرائها 44 عملية فصل لتوائم سيامية سعوديين وغير سعوديين من البلدان المجاورة كلها تكللت ولله الحمد بالنجاح منذ العام 1990 وكان آخرها الشهر الماضي للتوأم السوداني جود وجنى بتوجيهات من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع.
وتشير هبة وسماح إلى أنهما طرحتا مبادرة لإنشاء هيئة او جمعية للتوائم السيامية بحيث تكون داعمة لهم، ترعاهم وتحل مشاكلهم كافة.
رد الجميل والطموح
اكدت هبة وسماح بان خير السعودية عليهما كثير سواء بعلاجهما او تعليمهما حتى تخرجتا من كلية النظم والمعلومات وتتمنيان العمل بتخصصهما لتردان الجميل لمملكة الانسانية التي كانت لهم سندا وعونا وقت الحاجة.