يمكن أن تحمل الجزيرة الصغيرة التي تقع على بعد 125 ميلا خارج أثينا، المفتاح لفهم بدايات الحضارة اليونانية القديمة. بحسب موقع "ديلي ميل" البريطاني، عكف علماء الآثار على دراسة مدتها 4 سنوات لموقع في بحر إيجه يدعى ووداسكاليو ويعتقد أنه يعود إلى ما يقرب من 4600 عام، ليكشف عن أقدم مجمع ضخم من المباني التي اكتُشفت في أي وقت مضى عن العالم اليوناني، كما أنه قد يكون بداية لفهم تفسير المفاهيم الدينية عند اليونانيين القدماء، والتي ظنوا فيها أن قمم الجبال هي أماكن سكن للمخلوقات المقدسة. [vod_video id="yCBoUEUUeGG4r1xWn5GXw" autoplay="1"] يأتي مجمع المباني التاريخي على شكل قمة هرم يعتلي الجزيرة الجبلية، وحتى الآن، لم يدرك أحد من العلماء حجم هذه المباني والجهد الهائل الذي بذل في بنائها، لكنهم يعتقدون أن اليونانيين شرعوا في القيام برحلات بحرية قد يصل عددها إلى 3500 رحلة على الأقل في العصر البرونزي، لنقل ما بين 7 إلى 10 آلاف طن من الرخام الأبيض من جزيرة بحر إيجة إلى أخرى. كانت كل رحلة تتطلب طاقم يصل عدد أفراده نحو 24 شخصًا على الأقل، للتجديف لمدة 5 ساعات تقريبا، ما يشير إلى أن أفراد هذه الحضارة كانوا أيضًا بحارة مهرة. قال الدكتور "جوليان وايتر ايت"، عالم الآثار البحرية الرائد في جامعة ساوثهامبتون، "إنها أكبر عملية نقل بحري في فترات ما قبل التاريخ، وذلك يبين بوضوح مدى أهمية البحر بالنسبة لهؤلاء الأشخاص في العصر البرونزي، والذي بات جزءا لا يتجزأ من ثقافة اليونانيين فيما بعد". [readmore post_link="https://rotana.net/tv-articles/%D9%85%D9%86-%D8%AA%D9%81%D8%AC%D9%8A%D8%B1-%D8%AA%D8%B4%D8%B1%D8%B4%D9%84-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D8%AE%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%8A%D9%83%D8%B1%D9%88%D9%88%D9%8A%D9%81/" ] وبحسب رؤية علماء الآثار، سمحت الرحلات التي يبلغ مجموعها نحو 45 ألف ميل، للمهندسين المعماريين ببناء ما يعتقد أنه ملاذ ديني ضخم يتكون من ما يصل إلى 60 مبنى رخامياً من المرمر الأبيض ليتألق تحت أشعة شمس بحر إيجة. بجانب ذلك، تشير السمات المعمارية المعقدة للسلالم وأنظمة الصرف التي أعادت تشكيل الجزيرة الجبلية التي يبلغ عرضها 150 مترا إلى أن ووداسكاليو كانت موطنًا لحضارة متقدمة، حضارة تفوقت في التعدين وربما تداول الأسلحة. ووداسكاليو هي جزء من أرخبيل جزر كيكلادس في اليونان، وهو موقع يعود إلى عام 2750 قبل الميلاد، ويقال إنه قد يكون أقدم ملاذ بحري في العالم. وقال البروفيسور "كولين رينفرو" من جامعة كامبريدج، والقائم على الدراسة: "نرى في ووداسكاليو عددًا من التقنيات المعمارية المتطورة المستخدمة بطريقة مدروسة جيدًا، وتشمل مداخل ضخمة، وسلالم، ونظام صرف معقد يغطي الجزيرة بأكملها، وهذا يوحي بوجود مهندسين معمارين مهرة، وتوجيه وتخطيط وتنفيذ جيد". وأطلق علماء الآثار مشروع البحث على جزيرة ووداسكاليو منذ عام 2015، للكشف عن أدلة على حضارة ما قبل التاريخ المتقدم، ووفقا للفريق، ازدهرت مستوطنة ووداسكاليو خلال فترة تعرف باسم العصر البرونزي المبكر السيكلادي، والتي امتدت من 3200 إلى 1050 قبل الميلاد. وفي الجزيرة، وجد الباحثون طرقا تؤدي إلى القمة الهرمية التي شكلها أفراد الحضارة القديمة، وكانت جميع المباني في الجزيرة الصغيرة مصنوعة من نوع رخام جيد، كما عُثر على بعض من الأدوات المستخدمة من قِبل ساكني الحضارة، مثل الإزميل والأواني المعدنية، والخناجر، وجميع الاكتشافات إلى الآن ترسم صورة نابضة بالحياة عن العصر البرونزي في بحر إيجه. واستنادًا إلى هذه الاكتشافات، يظن علماء الآثار أن سكان ووداسكاليو ربما لعبوا دورا هاما في توريد الأسلحة والمنتجات المعدنية الأخرى إلى الجزر المحيطة، ما يشير إلى أن هؤلاء اليونانيين المبكرين كانوا أكثر تقدما من الناحية الفنية والسياسية مما كان يعتقد من قبل. وعلى الرغم من استمرار الدراسة 4 سنوات، إلا أن هذه المعلومات تأتي مفصلة للبيانات الناتجة على مدى الأشهر الـ12 الماضية التي كشفت عن الحجم الحقيقي للمبان، ولوجستيات النقل وأعمال البناء المرتبطة به. من المثير للاهتمام أن تشكيل قمة الجزيرة على هيئة هرم، وبناء مباني رخامية عليها جاء في غضون 100 سنة أو نحو ذلك من بناء هرم زوسر، أول هرم في تاريخ مصر القديمة، وأيضًا من حضارة وادي السند، وأول الممالك المعروفة في بلاد ما بين النهرين، ويبين هذا السياق بوضوح تام أن ووداسكاليو كانت جزءا من ظاهرة ثقافية وسياسية أوسع بكثير، تنطوي على مشاريع ضخمة للبناء ومشاريع سياسية طموحة للغاية. من الجنوب، كانت الجزيرة مرئية من عدة أميال كجبل صغير لامع على شكل هرم أبيض يرتفع من البحر، ومن غير المعروف على وجه اليقين ما إذا كان الشكل الهرمي مهما بأي شكل من الأشكال، لكن الأشكال الهرمية في ذلك الوقت بالذات، كان قد شرع المصريون القدماء في بنائها، كما أنه يوجد إشارات على أن في ذلك الوقت أيضا وُجد تواصل بين مصر القديمة وجزيرة كريت. [rotana_image_gallery rig_images_ids="789040,789041"] من المتصور أيضًا أن مفهوم الجبل المقدس تم تصديره من ووداسكاليو إلى كريت وربما في نهاية المطاف إلى البر الرئيسي اليوناني، من الناحية الدينية وربما السياسية، يبدو أن داسكاليو كان لها دور مهم بشكل غير متوقع في التنمية الثقافية المبكرة للعالم اليوناني. وتجرى التحقيقات الأثرية في الجزيرة بدعم من وزارة الثقافة اليونانية، ومن قبل علماء الآثار من بريطانيا واليونان وألمانيا وفرنسا وأستراليا والولايات المتحدة. [more_vid id=" sEBJYOMgySwEMWgH7uaLPA" title="من أدغال الديجيتال إلى القناص.. أغاني كرتون سيطرت على ذاكرة جيل التسعينيات" autoplay="1"]