تنظيم الإنجاب من الخطوات الجوهرية في التخطيط للحياة الزوجية، فمسؤولية الأطفال ليست أمراً سهلاً، لذا ينبغي على الآباء مراعاة تنظيم عملية التناسل، كي يتمكّنوا من أداء واجباتهم تجاه الأبناء على أكمل وجه.
وتشير الأبحاث الاجتماعية إلى أنّ تنظيم الإنجاب هو قرار مشترك بين الزوجين، يقرران من خلاله موعد إنجاب الأطفال والفترة الزمنية بين كل طفل والآخر، ما يؤتي ببعض الآثار الإيجابية على الصحة العامة للأم والأطفال.
مؤكدة أنّه قد ترتفع نسبة وفيات الأطفال في حالات الحمل في سن مبكرة أو تكرار الحمل تباعاً دون تنظيم.
وفي هذا السياق تقول "الدكتورة فاطمة محمدي- الأخصّائية النفسية" تنظيم النسل من القرارات المصيرية داخل الأسرة، ويجب على الزوجين أن يفكرا جيداً قبل الإقدام على خطوة الإنجاب، أي أنّ تكون ظروفهم مناسبة لوجود طفل أو أكثر داخل الأسرة.
مشيرة إلى أنّ معظم المجتمعات حالياً صار لديها الوعي الكافي بضرورة تنظيم الإنجاب، وتحديد عدد الأطفال المراد إنجابهم، خاصة في ظل تدفّق المسؤوليات الملقاة على عاتق كل من الأب والأم على حد سواء.
مؤكدةً بعض الفوائد التي تعود على الأسرة بفضل تنظيم الإنجاب ومنها:
- المحافظة على الحالة الصحية للمرأة.
- منح الفرصة للأم لاستعادة رشاقتها مرة أخرى.
- تمكين الأم من إتمام إرضاع الطفل الأول، لأنّه إذا حملت الأم خلال فترة الرضاعة، قد يؤثّر ذلك على صحتها، ما قد يضطرها إلى فطام الطفل.
- التخفيف من الضغوط النفسية التي تعانيها الأم بسبب مسؤولية الأطفال، خاصة خلال السنوات الأولى التي لا يتمكّن فيها الطفل من الاعتماد على نفسه.
- الوقاية من الإصابة ببعض الأمراض مثل هبوط الرحم، البواسير، سلس البول والدوالي.
- منح الفرصة للأب أيضاً للمشاركة في تربية الأطفال، فعندما يكون الفرق مناسباً بين الطفلين مثلاً يتمكّن الأب من تخصيص بعض الوقت لكل طفل.
أما الإنجاب المتكرر فيشعر الأب بالضغوط النفسية لكثرة بكاء الصغار، ما يجعله يعزف عن المشاركة تماماً، الأمر الذي قد يصيب المرأة بالاكتئاب.
مضيفة: تنظيم الإنجاب يعمل على الاستقرار النفسي للأبناء، فقد أثبتت بعض الدراسات أنّه كلما قلّ عدد الأطفال داخل الأسرة، زاد معدّل الاستيعاب والتركيز لديهم، علاوةً على وجود الاتزان النفسي داخل الأسرة.
وفي نفس الإطار تعلّق "مها المسلم- الأخصّائية الاجتماعية" عبر برنامج "سيدتي" المذاع على قناة روتانا خليجية قائلةً: كلما زادت نسبة الوعي لدى الزوجين كان لديهما إقبال على تنظيم الإنجاب أكثر من غيرهم.
مشيرة إلى ضرورة حصول المقبلين على الزواج على بعض الدورات التأهيلية قبل الزواج لإعدادهم نفسياً حتى يتمكّنوا من تحمّل المسؤولية، وأيضاً التركيز على جميع جوانب العلاقة الزوجية ما يساعد على تنشئة الأسرة في إطار مجتمعي سليم.
وأضافت: الإقبال على تنظيم الإنجاب في تزايد مستمر بفضل تغير المفاهيم والمعتقدات السالفة القائمة على مبدأ أن قوة الأسرة في كثرة عدد الأبناء أو ما شابه.
موضحة أنّ الفترة الزمنية المثالية بين الحمل والآخر هي ثلاث سنوات على الأقل، ولها الكثير من التأثيرات الإيجابية على الأسرة، منها:
- منح الطفل الفرصة الكافية في الحصول على اهتمام الأبوين واكتساب المهارات اللازمة.
- تفادي الآثار النفسية السيئة مثل شعور الطفل بالغيرة من اهتمام الأم بالأخ الأصغر.
- تجنّب حدوث الفجوة والخلافات بين الزوجين للانشغال الدائم للأم.
وختاماً أشارت المسلم إلى أنّه قد يكون لكل حالة ظروفها الخاصة، فقد تضطر المرأة أحياناً- خاصة إذا تزوجت في سن متأخرة- إلى إنجاب الأطفال تباعاً دون تنظيم، تخوفاً من حدوث الحمل بعد سن الأربعين، لكن العبرة بالقدرة على تحمّل المسؤولية، حتى لا تظلم الأم نفسها وأطفالها.