القصة الكاملة لنزيلة دار رعاية جدة "المنتحرة"!
  • Posted on

القصة الكاملة لنزيلة دار رعاية جدة "المنتحرة"!

أكدت صديقات "لمى" نزيلة دار الرعاية المنتحرة أنها لم تأت للدار بسبب جرم ارتكبته أصلاً بل بسبب هربها من والدها الذي أوضحت لهن أنه كان يعنفها ويقسو عليها بشدة ما اضطرها إلى الهرب منه، حيث أحالتها شرطة جدة إلى الدار كحل مؤقت حتى تتم معالجة قضيتها.وانتحرت لمى "21 عاماً" نزيلة دار رعاية الفتيات باستخدام قطعة قماش أخذتها من سجادة صلاتها، حيث اقتطعتها منها في حبسها الانفرادي الذي قضت به 20 يوماً وربطتها بالنافذة وعلقت نفسها لترحل على الفور.حبس انفراديوأوضحت النزيلات أن لمى، إضافة إلى خمس من صديقاتهن كن في الحبس الانفرادي بعد شجار كبير وقع بينهن في الدار، وظللن به 20 يوماً حتى انتحرت، وأنهن من اكتشف انتحارها بعدما نادت عليهن من النافذة لتذكرهن بأداء صلاة العصر ومن ثم وبعد الصلاة ظللن ينادين عليها لوقت طويل وعندما لم يسمعن منها أي رد قمن باستدعاء المشرفات وطلبن منهن الاطمئنان عليها ليكتشفن أنها جثة هامدة، حيث كانت قد فارقت الحياة من دون أن يشعر بها أحد.من أنا؟وتضيف النزيلات أن لمى كانت حريصة على الصلاة في الفترة الأخيرة وتتساءل طوال الوقت عن مصيرها بعد الخروج من الدار، حيث بدت يائسة ومحبطة وفاقدة للأمل وخائفة من العودة إلى والدها أو البقاء في الدار دون مستقبل واضح أو أي بشائر قد تبعث لها شيئاً من الأمل، ومع ذلك لم تظهر عليها أي رغبة في إيذاء نفسها، ولكنها كانت تتحدث بطريقة مأساوية عن ماضيها مع والدها وبطريقة سوداوية عن مستقبلها.قسوة أبمن جهتها، قامت وزارة الشؤون الاجتماعية والجهات الأمنية بتشكيل لجنة لمعرفة تفاصيل انتحار لمى بالتحقيق مع المراقبات والنزيلات اللاتي حضرن الواقعة، واللاتي قالت إحداهن، بعدما رفضت الإفصاح عن اسمها: "إن الدار لم تتعامل مع قضية لمى بطريقة تحفظ حقوقها وتعطيها الشعور بالأمان أو بعض الأمل، فلم تحاول حل مشكلتها ولم تكن هناك أي مساع لمعالجتها نفسياً أو تأمين مستقبلها وإلحاقها بنظام دراسي جيد أو تأهيلها"، مؤكدة أن الدار قامت فقط بمحاولة التواصل مع والد الفتاة حتى يتم تقريب وجهات النظر بينهما أو عقد الصلح، وهو ما كانت تخاف منه لمى تماماً، حيث رفض والدها استلامها أو الحضور للتفاهم معها.ليس حلاًوتابعت صديقة لمى: "الحبس الانفرادي لم يكن حلاً لمعالجة المشكلة التي وقعت بين لمى وبقية النزيلات لأنها من الأساس ليست مجرمة، وجودها في الدار كان مؤقتاً لأنها مواطنة بريئة في مقتبل العمر، وكان يجب معاقبتها في حال كانت تستحق العقاب بطرق أخرى وليس بالحبس الانفرادي حالها حال المجرمين في السجون، بل كان يجب الاهتمام بها وتأهيلها وطمأنتها وتعويضها عن الحرمان الذي عانته مع والدها، خاصة أنها فقدت والدتها منذ 13 عاماً، حيث اختفت دون أي تفاصيل".الجثة في الثلاجةمن جانب آخر، كشف النقيب فهد المالكي المتحدث الإعلامي المكلف بشرطة منطقة مكة المكرمة عن أن جثة لمى ما زالت بثلاجة الأموات في مستشفى الملك فيصل لاستكمال الإجراءات اللازمة، كما تمت إحالة كامل أوراق الحادثة لجهة الاختصاص التي لم تبت بالأمر حتى اللحظة.جهود غير كافيةبدوره ذكر الكاتب الدكتور أيمن بدر كريم في تعقيبه على الحادثة التي شغلت الرأي العام أن منظمة الصحة العالمية أقرت في تحذير نشرته في مجلة "ذي لانسيت" الطبية أن امرأة من أصل ثلاث نساء في العالم تتعرض للعنف الذي صنّـفته في مستوى "غير مقبول"، كما عدّت الجهود المبذولة في مجال الحد من العنف ضد النساء والفتيات "غير كافية"، وهو ما يرى أنه مرّ مرور الكرام على كثير من الأفراد وبعض المؤسسات الحكومية في المجتمعات العربية.حق مكتسبوتابع الدكتور كريم: "لعلّ بعضهم يرى أن في التقرير مبالغة، أو أن مثل هذه الإحصاءات المُـثبتة تخصُّ مجتمعات "أخرى" لا تتميز بالخصوصية الدينية والمجتمعية والثقافية التي يرى كثير من أفرادها تميّـزهم بها عن غيرهم، واعتبار كثير من الممارسات الذكورية ضد المرأة حقاً مُكتسباً ترعاه بعض الأنظمة الرسمية والمرجعيات الثقافية القبلية، تكرّس التمييز ضدهن على أساس الجنس، وتضفي عليها بعض الهيئات صبغة دينية تحاول تبريره وتمريره كأمر واقع طبيعي يحكم علاقة الرجل بوصفه ذكراً كامل الأهلية، بالمرأة بوصفها أنثى ناقصة قاصرة، مهما بلغت من العمر والمكانة العلمية والاجتماعية"، كما لفت في معلومة مهمة أطلقها أن كثيراً من الطالبات في "سكن الطالبات" يعانين، فكيف بمعاناة الفتيات في دور الرعاية؟!أين المحاسبة؟أما الدكتورة نورة خالد الأسعد رئيسة مركز التمكين للمستقبل للاستشارات والدراسات والمهتمة بقضايا المرأة والأسرة وقضايا التغيير الاجتماعي فعلّقت على الحادثة بقولها إنها قدمت منذ سنوات دراسة تقييمية نفذتها بنفسها للخدمات المقدمة للفتيات في دور الرعاية في جدة والرياض والأحساء، متسائلة: "لماذا لم تُنفذ أي من تلك التوصيات؟!" في إشارة إلى إهمال الجهات المختصة مثل هذه الدراسات الجادة التي قد تحسن كثيراً من أداء هذه الدور وحفظ حقوق ومستقبل نزيلاتها، مؤكدة أن الحل يبدأ من محاسبة وعقاب ومتابعة من كان السبب، واحتضان تربوي واجتماعي لهن.مناشدة الفيصلكما ناشد مغردون الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة بفتح تحقيق حول الحادثة ومحاسبة المقصرين، مؤكدين أن الحادثة أثبتت الإهمال الكبير في رعاية الفتيات، إلا أن مصادر من إمارة مكة ذكرت أن الأمير خالد الفيصل استجاب لهذه المطالبات وطالب بتقرير مفصل عن الحادثة.المدير ترد!ورغم الهجوم الكبير الذي شنه الرأي العام في وجه مؤسسة دار رعاية الفتيات إلا أن مديرة المؤسسة حفصة شعيب اكتفت بانتقاد وزارة الشؤون الاجتماعية لعدم قيامهم بصيانة أجهزة وكاميرات المراقبة في الدار التي تكشف وترصد تحركات النزيلات، حيث أكدت أن جميع الكاميرات تعطلت واحدةً تلو أخرى منذ فترة طويلة، وأن الإدارة خاطبت وزارة الشؤون الاجتماعية لعمل صيانة لها إلا أنها لم تجد أي تجاوب منهم، مؤكدة أنها تحتفظ بصور عن كافة تلك المخاطبات الرسمية.