القدود الحلبية حكاية موسيقية خالدة..من سيغنيها بعد الآن ؟
  • Posted on

القدود الحلبية حكاية موسيقية خالدة..من سيغنيها بعد الآن ؟

"درب حلب ومشيتو، كلو سجر زيتوني، كلو سجر زيتوني، وحاج تبكي وتنوحي، بكرا منجي يا عيوني، باجر نجي ياعيون عيون عيوني". توليفة غريبة ومميزة بين الكلمات واللحن، لها خصوصية ثقافية عريقة لأنها اختصت بمدينة "حلب" فقط والتي خلدت تاريخ المدينة وحاضرها وقصصها القديمة بالهناء والوفاء. القدود الحلبية ، والتي نشأت في الأندلس ومن ثم انتقلت إلى بلاد الشام وخاصة حلب التي عرف عن أهلها وسكانها من زمن بعيد أنهم يهتمون بالموسيقى والفنون والتي كان لها شأن كبير لديهم بل احتلت مساحة كبيرة من حياة أهلها، وتم تسميتها بالقدود الحلبية نسبة إلى حلب التي اهتمت وتميزت بها. والقدود الحلبية هي خليط من الموشحات الأندلسية والأعجمية والأغاني الشعبية، كما أنها ساهمت بشكل كبير في المحافظة على التراث الموسيقي العربي حيث ساهم تغيير الموضوعات بانتشار اكبر لألحانها مما أدى إلى ثبات الألحان الأصيلة  في الذاكرة الشعبية. القدود الحلبية [vod_video id="Iyrgck2AzfDccPU7FcSEHQ" autoplay="1"]  وعلى الرغم من أنها انتشرت في معظم دول الوطن العربي، إلا انتشرت في سوريا بشكل خاص وتحديدا في مدينة "حلب" لأن كان لها طقوسها وأماكنها الخاصة وتكاد لا تخلو مناسبة دينية أو دنيوية من هذا اللون الطربي، الذي كان يظهر ضمن فئات الطرب، وفي معظم المناسبات العامة والخاصة. وكان قد اشتهر بغنائها عدد من المغنيين الحلبيين، لعل أشهرهم صباح فخري، الذي برع وتميز في غناء القدود الحلبية بل تربع على عرشها ولم يتمكن أحد أن ينافسه فيها. برسل سلامي لسالم [vod_video id="3M3zpHUYxbaWhAqXzJPw" autoplay="0"] فكيف يمكن لأحد أن يعبر عن "حلب" مثل "فخري" ابن حلب العظيم الذي كان يغني لها بملأ فمه، بصوته الرخيم المزين بهندسة الألفاظ تلقائيا، والذي مهما طالت ساعات غنائه لا تتبدل عذوبة صوته ولا قدرته على إطراب الروح قبل الأذن، ويجعلك تتنقل في "حلب" وتتمتع بجمالها وأنت جالس في مكانك. وأصبح "فخري" في ذاكرة كل عربي يعشق الموسيقى بوجه عام، وفي ذاكرة كل حلبي وكل سوري بشكل خاص، فعندما يسمعون صوته وهو يقول "يارايحين لحلب حبي معاكم راح، يا محملين العنب تحت العنب تفاح، كل مين وليفو معو وأنا وليفي راح، يارب نسمة هوا ترد الولف ليا"، يزداد عشقهم لبلدهم، ومن يعيش بعيد عنها يزداد حنينه لها. عالروزانا [vod_video id="rzTe0c8HMohs7Z1uhQ7w" autoplay="0"] فكان "فخري" أشهر من غنى "عالروزانا"، التي تعد الأغنية الأشهر في بلاد الشام، والتي تداولت حولها العديد من القصص والأساطير، ولكن مهما اختلفت القصص، تبقى السحر الخاص للأغنية والتي جذبت العديدين لغنائها ولعل أشهرهم السيدة "فيروز" التي أضفت لها شيء خاص ومميز بعد "فخري". ومن أشهر الأغاني والقدود الحلبية التي خلدت وفاء المدينة والتي غناها "فخري"، "البلبل ناغي ع غصن الفل، وقدك المياس، وأنا وحبيبي، و قل للمليحة، وياما اسعد الصبحية، وياهويدلل، وسكابا يا دموع العين، و هلاهلا يا جملو، و دومك دومك دوم، و يا شادي الألحان". البلبل ناغى ع غصن الفل [vod_video id="rzTe0c8HMohs7Z1uhQ7w" autoplay="0"] وفي النهاية مهما حاولنا أن نصف "حلب" وروعتها وجمالها، وحاولنا اكتشاف الشيء المميز فيها، لن يمكننا ذلك، ولكن الأكيد أننا تلقائيا سوف نتجه مسرعين إلى استماع  الطرب الحلبي الأصيل أو "القدود الحلبية" والتي غناها صباح فخري ونترك أرواحنا وخيالنا لها، ونستمتع بهذه البهجة التي في صوت "فخري" وهو يغني لمحبوبته "حلب" ويجعلنا نستعيد صور لذاكرة مدينة بألف عام وعام، ونستنشق رائحة الأزقة القديمة لهذه المدينة التي رجع صداها بين جدران قلعتها وستبقى كذلك تفتن الجميع.