الدراما الخليجية في وادٍ والمجتمع في وادٍ آخر!
لا تتسم الأعمال الخليجية بعدم الواقعية فقط، بل تعاني من هذه المشكلة حد الضياع، المجتمع الخليجي في هذه الأعمال ضائع وهو يشاهد أعمالاً تحمل قضايا لا تشبهه سواءً في طريقة الطرح أو حتى الحلول وسبل المعالجة، كل شيء في الدراما الخليجية يُكتب بشكل عشوائي وغالبية تلك الأعمال يقف خلفها صُناع يهتمون بكونها منتجاً تجارياً أكثر من كونها وسيلة تجمع بين التجسيد الواقعي والطرح الهادف والقرب من الأرض التي يقف عليها الناس فعلاً حتى وإن كانت هناك مصلحة مادية ينتظرها هؤلاء الصناع من هذه الأعمال.الأعمال الأكثر تداولاً على "تويتر" بحسب الترند الخليجي تتابعاً، مسلسل "أمنا لاويحة الجنة" الذي تترأس قائمة أبطاله المتعددين وغالبيتهم من الفنانين الشباب النجمة القديرة سعاد عبدالله، يعاني من أخطاء فادحة بالنص وانغماس شديد بـ"حزن" مبالغ فيه، ويأتي في المركز الثاني "ذاكرة من ورق" وهو الذي تم تصويره بالكامل في ألمانيا، وهو عمل يقدم قصصاً لمرضى يُعالجون في الخارج ولكن أيضاً ضمن نطاق ضيق وسوداوي للغاية، يلحقه مسلسل "حال مناير"، إذ يتعدد به أيضاً الفنانون الشباب ويدور في إطار كوميدي ولكنه للأسف يعاني من رؤية إخراجية متخبطة متعددة الألوان وعشوائية التنقل من مشهد لآخر.المشكلة الأضخم فيما يخص الدراما الخليجية ليست فقط بطريقة كتابة هذه الأعمال وشُح كُتاب السيناريو الذين يُعد غالبيتهم هواة صعدوا بالصدفة، بل أيضاً في نظرة أهل الفن لها، فالممثل اليوم لا يتمتع بحس فني عميق ويهتم بالمظاهر أكثر من اهتمامه بتلبس الشخصية وقضيتها بعمق، والمنتج يهتم بإيجاد أنسب الطرق للصرف الأقل والربح الأكبر، والمخرج يريد أن ينهي المهمة دون تكبد عناء مراقبة أدق تفاصيلها حتى لا يضيع الوقت أو المجهود طالما أن الهدف أخذ مستحقات مجزية في آخر المطاف، وفريق العمل أصبح منشغلاً بملاقاة المشاهير والعمل معهم أكثر من فرض أنظمة تضمن احترافية أكبر على النجوم أو على بعضهم بعضاً، الكل أصبح يعمل ليسعد ويقضي وقتاً جميلاً ويحصل على المال في النهاية ولم يعد هناك من يعمل ليخطف أنفاس المشاهدين بعمق ما يقدمه وليس بجمال الصورة والديكور والممثلين!تراجع الدراما الخليجية يتحمل مسؤوليته أولاً الإعلام المُجامل، والجهات المعنية ثانياً، والتي تعنى بالتكريمات شبه اليومية، فهؤلاء أيضاً يتحملون جزءاً من المسؤولية فيما يخص هبوط مستوى الدراما الخليجية، لأنهم طالما اعتمدوا المجاملة في إعطاء هؤلاء النجوم وصناع الفن الثقة التي لا يستحقونها فلن يتغير حال الدراما والتي أصبحت تحتاج إلى قسوة أكثر في التعامل مع أهلها لوضعهم على المسار الصحيح.