التلصّص على الآخرين عادة فطرية أم مكتسبة؟
كثيراً ما نقابل في حياتنا أشخاصاً متطفلين أو بمعنى آخر متلصصين، دائماً ما يسعون إلى معرفة أسرار الناس ويتتبعونها بكل السبل، ومع التطور التكنولوجي أصبح من السهل التلصّص على حياة الآخرين.والتجسس وتتبع عورات الناس محرم شرعاً فهناك نهي صريح عن فعل هذا الأمر فى قوله تعالى( ولا تجسسوا)، وأيضاً قال الرسول صلى الله عليه وسلم:" يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه ،لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإن من تتبع عوراتهم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه في بيته".وفي هذا السياق تقول الدكتورة هدى زكريا- أستاذ علم الاجتماع بجامعة الزقازيق:" التلصص هو تعبير عن شعور الفرد بعدم الثقة في النفس نتيجة لعدم قدرته على تحقيق الآمال والأحلام الاجتماعية، والمتلصص شخص لديه شعور بالهزيمة يريد أن ينظر للآخرين ليتأكد أن لديهم عيوب وأخطاء حتى يشعر بالرضا من نفسه بأنه ليس الوحيد الذي لديه عيوب".وتضيف" الفراغ قد يدفع الفرد إلى التلصص ومحاولة التعرف على الآخرين، لذا يجب وضع حدود واضحة فى التعامل مع هذه الشخصية كي لا نخلق منها عدو، خاصة وأن العزلة تزيد هذه الصفة".وتوضح زكريا أنه في حالة سؤال المتلصص أسئلة شخصية من الأفضل أن تقول له احتفظ بأشياء خاصة ولا أريد أن أحمل الآخرين همومى، وذلك بدلا من أن نقول له بشكل مباشر لا تتدخل".ومن جانبها تقول الدكتورة هبة عيسوى- أستاذ علم النفس بكلية الطب جامعة عين شمس وزميل الجمعية الأمريكية للطب النفسي-:" التلصص سمة موجودة في أشخاص كثيرة جداً، حيث يروا أن معرفة الأخبار تشعرهم بوجودهم اجتماعيا، وأصبح هناك دمج اجتماعي فبدون التحدث إلى الأشخاص نفتح صورهم على الفيس بوك وإنستجرام وتويتر".وتضيف" العولمة ساهمت في تغيير شكل الحراك الاجتماعي، حيث تقاس اجتماعية الفرد بعدد الأصدقاء لديه وبـ"اللايكات" والمشاركات"، موضحة أن من الدوافع إلى التلصص ضعف المهارات الاجتماعية.وتشير عيسوى إلى أن هناك نوع من الشخصية المتتبعة أنه يظهر أنه غير مهتم للسؤال على الناس وهذا عكس ما بداخله، بمعنى أن يكون لديه ازدواجية في المشاعر وهنا تكمن الخطورة.وتوضح أن التلصص فيه نوعٌ من سوء إدارة الثقة بالذات، وغياب مهارات المواجهة والحوار مع الآخرين، فتكون سعادة الشخص نفسه في مشاركة أخبار الناس لكنه لا تكون لديه مهارات المواجهة.وتؤكد أستاذ علم النفس ضرورة أن يراقب الفرد نفسه فإذا لاحظ أن الوضع زاد وأصبح كل اهتمامه التلصص، حتى لا يتحول الأمر إلى شكوك تؤدى به إلى مشاكل نفسية تتحتم عليه رجوعه إلى طبيب نفسى.وتنوه إلى ضرورة أن يضع الإنسان بصمته في كل شئ ويقول رأيه حتى لا يكون مجرد ناقل للأخبار فقط، وبالتالي يكون لديه خلل في الثقة في ذاته ويصبح متلصصاً، إلى جانب تنمية المهارات الاجتماعية من خلال مواجهة الناس المقربين له.