دمار الغابات البكر قنبلة موقوتة تهدد أوغندا
المشهد العام في أوغندا مغرق في السوداوية والتشاؤم، وإذا لم يجر التصرف والعثور على حلول فإنه في غضون أقل من أربعة عقود سيتحول البلد الواقع في شرق أفريقيا إلى أرض قاحلة تعصف بها الكوارث الطبيعية، كما ستختفي منها الحيوانات البرية المتوحشة، وبطبيعة الحال لن تبقى بها أرض صالحة للزراعة. "إذا استمرت عملية تدمير الغابات على هذه الوتيرة المتلاحقة فبحلول عام 2050 لن يتبقى منها شيئا"، هكذا حذر جلبرت كاديلو، المتحدث باسم الوكالة الوطنية للغابات(NFA) .ولن تكون العواقب وخيمة على السكان فحسب بل ستطال الحيوانات مثل قرود الأحراش، فيما يوضح الخبير جلبرت "الغابة تتآكل أمام الطلب المتزايد على الأراضي الزراعية لتلبية احتياجات السكان المتنامية من البقول وباقي المحاصيل الزراعية، وذلك بسبب الزيادة المطردة في تعداد السكان"، مشيرا إلى أن معدل الزيادة السكانية في أوغندا يصل إلى 4ر3% سنويا. من جانبة طالب برنامج الأمم المتحدة لحماية البيئة بالتعامل بمزيد من الحرص والتحلي بالمسؤولية مع الموارد الطبيعية. ورفع البرنامج الأممي شعار "سبعة مليارات حلم. كوكب واحد. استهلك باعتدال"، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للبيئة والذي احتفل به خلال شهر حزيران/ يونيو، بمشاركة 150 دولة. وفقا لمنظمة الأمم المتحدة "إذا استمرت الزيادة السكانية على هذا النحو فبحلول عام 2050 سيحتاج سكان الأرض لثلاثة كواكب لاستيعابهم بأسلوب حياتهم الحالي. بصفة عامة، تضررت قارة أفريقيا بصورة كبيرة نتيجة للدمار الذي لحق بالبيئة، فالمزارعون يقومون بقطع الأشجار لكسب المزيد من الأرض لممارسة الزراعة من أجل تلبية احتياجات الغذاء لهم ولأسرهم، كما تزايد الطلب على خشب الأشجار لبناء المزيد من المنازل.تقع أوغندا في حوض الكونغو في المنطقة المعروفة باسم "حزام أفريقيا الأخضر" عند خط الاستواء والذي يضم كلا من الكاميرون والجابون ويقطع الكونغو وصولا لمنطقة البحيرات العظمى والتي تشمل رواندا وتنزانيا بالإضافة إلى أوغندا، ولا يضاهي هذه المنطقة من الغابات البكر في المساحة سوى أحراش الأمازون بأمريكا الجنوبية. تجدر الإشارة إلى أنه تعيش في محمية بويندي الوطنية جنوب غرب أوغندا آخر السلالات المتبقية من الغوريلا الجبلي في العالم. بالرغم من ذلك، فبحسب الوكالة الوطنية للغابات (NFA)، تشهد مساحة الغابات تراجعا سنويا بمعدل 92 ألف هكتار. ولدى أوغندا ثلاثة ملايين ونصف المليون هكتار من الغابات لا تخضع لأي نوع من السيطرة، حيث يدار 70% منها بواسطة القطاع الخاص."نزيل الغابات لكي نبقى على قيد الحياة، لكي نزرع الحبوب والبطاطس والمنديوكا"، يوضح إيسا كاونجا، وهو أب ولديه طفلان ومقيم في بلدة ماسابا، جنوب شرق العاصمة كمبالا، حيث يواجه حاليا نوعا آخر من المشاكل، يقول "تتزايد مع الوقت هجمات القرود علينا وتفتك بمزروعاتنا وتستولى على طعامنا". يشار إلى أن القردة العليا استوطنت الغابات الكثيفة المحيطة بالمنطقة التي تتعرض للإزالة بوتيرة متسارعة، مما يجبرها على هجرة بيئتها الطبيعية بحثا عن الطعام.جدير بالذكر أن القرود الجائعة ليست مصدر التهديد الوحيد بالنسبة لأوغندا، حيث يحذر الخبراء من فناء الغابات مما سيضطر البلد الأفريقي لاستيراد أخشاب من الخارج بأسعار باهظة، والأسوأ من ذلك هو القضاء على "رئة خضراء" مما سيؤدي إلى خلل كبير في نسب الأوكسجين وثان أكسيد الكربون وهو ما ستكون له عواقب وخيمة على المناخ ومن بينها فترات جفاف طويلة ومواسم فيضان مدمرة، وهو ما سيؤدي بالضرورة إلى القضاء على المحاصل وبالتبعية انتشار المجاعات الخطيرة بالإضافة إلى الأمراض والأوبئة.يقول الخبير البيئي جون ماكومبو من الوكالة الأوغندية للحياة البرية (UWA) "نواجه قنبلة موقوتة بسبب الدمار الذي تتعرض له الغابات البكر في أوغندا ، وهو ما ينتج عنه ارتفاع كبير في معدلات انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون الضارة بالجو". علاوة على ذلك بدأت مواسم الجفاف تزداد طولا وأصبحت أكثر تكرارا مما يؤثر بصورة سيئة على المحاصيل الزراعية، ومن ثم يحذر ماكومبو من أنه إذا لم يتم إعادة استزراع الغابات فإن البلاد ستشهد كارثة وشيكة. وفقا للعديد من نشطاء حماية البيئة، لا تقوم الحكومة الأوغندية بما ينبغي عليها القيام به من أجل حماية الغابات. كما يتهم البعض منهم طبقة رجال السياسة بالتورط في أعمال مريبة من أجل تحقيق الثراء من تجارة الأخشاب التي يحصلون عليها من دمار الغابات. في هذا السياق يوضح الناشط البيئي روبرت إيكاجو أن "بكل أسف من يتعين عليهم حماية الغابات هم أكثر المتسببين في الدمار والتخريب الذي يلحق بالبييئة. لو استمر الحال على هذا المنوال فستتحول أوغندا لصحراء جرداء في يوم من الأيام".