خيارات تربوية خاطئة
  • تاريخ النشر

خيارات تربوية خاطئة

أصبحت لدي قناعة أن غالب الخيارات التي يمكن أن يتخذها الناشئة تتعلق بالتوجهات التربوية التي يحصلون عليها من البيت، ذلك يؤسس كثيراً من الأشياء في بنيتهم النفسية والعقلية، وبهذه المعادلة يمكن أن تتفاوت الشخصية في تكوينها بحيث تصبح سلبية جداً أو إيجابية بمستوى مناسب أو الدخول في حالة إيجابية منتقلة إلى التوهم بالتفرد المبالغ فيه، بمعنى التفريط والإفراط في السلوكيات التي ينشأ عليها الفرد.ذلك يعني أن البيت أو الأسرة تحديداً يبدأ منها الخلل أو البناء السليم للشخصية، أما الثانية فهي المطلوبة والتي ينبغي أن يحرص عليها الآباء باعتبار أن الأبناء أمانة لديهم وبحسب الغريزة يطمحون لأن يكونوا أفضل منهم يتمتعون بخيارات مثالية، وبالنسبة للأولى فهي المشكلة التي تتسبب في جميع مشكلات أجيالنا الحاضرة وفي المستقبل.ذاك الخلل الذي ينتج بسبب التفريط والإفراط التربوي هو الذي ينتج أجيالاً ليسوا في مستوى الطموح الاجتماعي، فحين تكون الأسرة مفككة وتعاني مشكلات داخلية أو تنتهي إلى انفصال الوالدين، وتضعف المراقبة والتوجيه الصحيح فإننا نعاني تفريطاً يكوّن بنية الشخص ويجعله لا يتمتع بالأفق الصحيح الذي يساعده في تحديد الخيارات المثلى، ومثله الإفراط من خلال التضييق والتزمُّت والمراقبة اللصيقة تجعله كدراً ويلتف حول نفسه وباحثاً عن مخرج من عنق الزجاجة التربوية فتتكون لديه شخصية غير سويّة تسعى لتعويض ما فاتها من هذا الانغلاق والحبس السلوكي.في هذه الأحوال يمكن قياس النتائج الاجتماعية للخلل التربوي من متلازمتي التفريط والإفراط، بحيث ينتج التفريط شخصية إجرامية لا تتقيد بالضوابط الاجتماعية لأنه لا يعرف الأسس الأخلاقية للتعامل وقيمة الفرد في مجتمعه، وأصبح غير مبالٍ لأن البيت لديه لا يحاسبه أو يعاقبه أو يوجهه، وفي حالة الإفراط نحصل على شخصية غاضبة وكارهة للذات وما حصلت عليه من ضغط من سلوكي ينفجر في شخصية تأخذ مساراً فكرياً إلى حد ما يتجه بها إلى مسارات متطرفة دينياً واجتماعياً لأنه يكون وجد أساساً عقلياً خاطئاً يتحرك معه عقله الباطن، وفي كل الأحوال تمنحنا مثل هذه التربية شخصيات غير طبيعية تحتاج إلى مراجعات اجتماعية منهجية قبل أن يرتفع المد ويبدأ الطوفان.