الفساد ينخر منظومة التعليم الجامعي العربي
لم يكن التعلم الجامعي بمنأى عن براثن الفساد التي استشرت في الكثير من القطاعات , ففى غضون سنوات ليست طويلة توسعت ظواهر سلبية متعددة داخل الجامعات انحرفت بها عن أهم أهدافها التربوية ، من هذه الظواهر الدروس الخصوصية وبيزنس بيع الكتب الجامعية ،حتى أصبحت ساحات الجامعات مكاناً للاستثمارات الرابحة على حساب العملية التعليمة . في هذا الإطار يرصد محمد حسن الطالب بكلية الهندسة جانعة عين شمس انتشار ظاهرة الدورس الخصوصة في الجامعة والتي تأتي تحت مسمى "كورسات" ويتجاوز سعر الكورس الواحد الألف جنيه مؤكداً أنه مع بداية العام الدراسي تنشر الإعلانات بشكل صريح عن أماكن هذه الكورسات وأسعارها ,وليس أمام الطالب سوى الالتحاق بها نظراً لصعوبة المواد العملية وكثافة أعداد الطلاب التي تحول دون فهم المادة داخل قاعات المحاضرات .فيما تقول أمل جمال الطالبة بكلية الآداب جامعة عين شمس أن المشكلة في الكليات الأدبية أقل وطأة من حيث انتشار الدروس الخصوصية , إنما المشكلة الأكبر تتمثل فى إجبار الأساتذة لطلابهم على شراء الكتب الجامعية والتي بلغت أسعارها أرقاماً كبيرة تزداد بمعدلات خيالية كل عام,مشيرة إلى أن الأساتذة لا يجبرون الطلاب على شراء الكتب بشكل مباشر وإنما من خلال إرفاق "شيت "بلون مختلف داخل الكتاب يكتب عليه كل طالب اسمه ويسلمه لأستاذ المادة بما يضمن له النجاح فيها . حول هذه الظواهر يقول الدكتور كمال مغيث " الخبير التربوي بالمركز القومي للبحوث التربوية والتنموية بالقاهرة " من المؤسف أن اجتاحت العديد من الظواهر السلبية منظومة التعليم الجامعي وأسهمت في تخلي الجامعة عن أهم أهدافها وهي البحث العلمي والارتقاء المعرفي بالطلاب , وتحويلها إلى ساحة للتجارة المربحة وبيزنس من نوع خاص . وأضاف : من أكثر الظواهر السلبية التي طلّت برأسها الخبيث داخل الجامعات "الدروس الخصوصية" , وخاصة في الكليات العلمية مثل الطب والهندسة وغيرهما لافتاً إلى أنها موجودة أيضاً في العديد من الكليات الأدبية ، ولفت إلى أن هذه الظاهرة تشهد تنافساً كبيراً بين بعض الأساتذة ممن اعتبروها باباً جديداً للرزق دونما النظر لتأثيراتها السلبية على الجوانب التربوية. وتابع : من الظواهر السلبية أيضاً بيع الكتاب الجامعي وإجبار الطلاب على شرائه بحيل وألاعيب لاتليق بقيمة أستاذ الجامعة.مؤكداً أن جميع هذه الظواهر تكشف عن حجم ما طرأ على المجتمعات من تغيرات جوهرية أصابت الكثير من القيم الأخلاقية في مقتل ، في حين حلّت محلها قيم المادة وأن الخاسر الأول من انتشار هذا الفساد هو المنظومة التعليمية بصفة عامة , والأستاذ الجامعي بصفة خاصة ,حيث تُنقص جميع هذه الممارسات من مكانته في نظر الطلاب ,لافتًا إلى أنه بجانب وجود نماذج سلبية فإنه على الجانب الآخر هناك نماذج مشرفة من أساتذة الجامعة لايزالون حريصين على أداء دورهم وواجبهم البحثي والعلمي ما يجعلهم قدوة طيبة لطلابهم.وشدّد على أن إصلاح منظومة التعليم الجامعي يحتاج إلى تفعيل ميثاق شرف جامعي يلتزم به الجميع مع تحسين الأوضاع المادية للأساتذة .