استغلال الأطفال في أعمال العنف.. عِوَز مادي أم إهمال مجتمعي؟
  • تاريخ النشر

استغلال الأطفال في أعمال العنف.. عِوَز مادي أم إهمال مجتمعي؟

إن ظاهرة استغلال الأطفال في سن المراهقة المبكرة في تنفيذ أعمال العنف والإرهاب وإقحامهم في الأعمال السياسية قد طفت على السطح بشكل يبدو واضحاً.حيث انتشرت قضية تطرّف الأطفال المغسول دماغهم والذين يتم استغلالهم لأغراض دنيئة .. حيث سمعنا مؤخراً عن ما يُسمى بـ«أشبال التوحيد» هو الاسم الذي استُخدم لأول كتيبة عسكرية من الأطفال الذين تتراوح أعمارهما ما بين 12 إلى 13 عاماً، وتم تدريبهم على فنون القتال وتنفيذ العمليات الانتحارية .ونقلاً عن مجلة "فورين بوليسي" في تقرير لها فإن التنظيم اعتمد على نظام حازم وصارم لتهيئتهم لحرب طويلة المدى على حدّ قول المجلة !ويعتبر هذا الاستغلال للأطفال قديماً في تاريخ البشرية فقد سبقتهم النازية في تجنيد الأطفال أيضا وتدريبهم لخوض معارك قتالية كما ينتشرُ هذا كثيرا في الدول المتخلفة أو الدول التي تعاني مشاكل اقتصادية والتي ينتشر فيها الاستغلال الجنسي للأطفال ثم المادي ليضاف إليه حديثاً استغلال جديد في القتال والحروب. وغالباً ما تستغل العديد من الجهات حاجة هؤلاء الأطفال للمال ويقومون بالتأثير عليهم وأحياناً أخرى بتجنيدهم لتنفيذ ما يريدون، أو يتم استغلالهم جنسياً والاتجار بهم. وفي هذا السياق هناك بعض البلدان التي تقوم بتجنيد الأطفال بين صفوف المقاتلين على رأسها تشاد وجنوب السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى وأوغندا وبوليفيا والعراق والصومال والكونغو وماينمار.وفي فبراير الماضي أكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" أن تنظيم "داعش" والجماعات المسلحة في سوريا والعراق تعمل على تجنيد الأطفال واستخدامهم في النزاعات المسلحة وأخيراً استخدامهم في تنفيذ عمليات الإعدام البشعة .كما كشف مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي أن هناك 293 ألفاً من الأمريكيين اليافعين مهددون بخطر الاختطاف والاستغلال في التجارة الجنسية بالبلاد التي يبلغ حجمها ملايين الدولارات.الحاجة الماديةوفي هذا السياق تقول الدكتورة ثريا عبد الجواد- أستاذ علم النفس بكلية الآداب جامعة المنوفية " : من المعروف أن فئة أطفال الشوارع هم الذين يتم التأثير عليهم واستغلالهم؛ نظراً لكونهم تحت وطأة الظروف الاقتصادية الصعبة، وهذا ما يدفعهم إلى القيام بأي عمل مقابل مبلغ مالي".وتضيف: "الأطفال في العالم عرضة للاستغلال سواء جنسياً أو سياسياً، فهم يقومون بتنفيذ ما يطلب منهم، لأنهم في مرحلة لا يدركون فيها تبعات هذه العلاقات".وتوضح د.ثريا أن الشكل الأكثر قسوة في حياة هؤلاء الأطفال استخدامهم في المظاهرات وأعمال العنف، بعد أن كان يتم استغلالهم من قبل من جانب تجار المخدارت للقيام بأعمال منافية للأخلاق.وتتابع قائلة: "الجديد في هذه الظاهرة هو تحوّل الاستغلال ليصبح سياسياً؛ وذلك لتنفيذ أجندة جماعات بعينها وبالتالي يقومون بأعمال تخريب وعنف".وتشير أستاذ علم النفس إلى أن الحد من ظاهرة استغلال الأطفال يعني الحد من المنبع، فالمسؤولية هنا اجتماعية مشتركة، ويمكن اتخاذ إجراءات آنية من خلال التعرف على أولئك الأطفال وتوفير احتياجاتهم من التعليم والعمل وتوفير السكن وما إلى ذلك".وتنوه إلى أن الإجراءات طويلة المدى للقضاء على هذه الظاهرة تتعلق بالسياسات المجتمعية من الالتفات إلى الأسر الفقيرة وتلبية احتياجاتهم.