هل يمكن أن يذكر الانسان ما حدث معه في رحم أمه؟
  • Posted on

هل يمكن أن يذكر الانسان ما حدث معه في رحم أمه؟

في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز، قال الكاتب راي برادبوري، المعروف بذاكرته القوية: "لدي تذكر كامل، وأتذكر كيف ولدت، وأذكر وجودي في الرحم، وأذكر كيف كنت في الداخل، الخروج كان عظيمًا". برادبوري ليس الوحيد الذي يدّعي أننا يمكن أن نتذكر ما جرى في الرحم، بحث سريع على شبكة الإنترنت يكشف أشرطة الفيديو لأشخاص يروون ذكريات من مرحلة ما قبل الولادة. ولكن كم من هذه الذكريات تتلخص في وصفها بكلمتين: "مكان مظلم ومبلل"، ولكن هل هذه حقيقية، وليس حلما أو ذاكرة ملتوية؟ لأن الرضع ليس لديهم القدرة على التواصل، فإن الباحثين يواجهون تحديات واضحة عند محاولة التقاط ذكريات الرضع عن الحياة قبل الولادة. بالتأكيد، هناك الكثير ممن يدعون تذكرهم الأحداث داخل الرحم، ولكن هذه الحكايات غير قابلة للتصديق، وفي نهاية المطاف، فإن حقيقة أن غالبية الناس لا يتذكرون الرحم، تلقي ظلالا من الشك على فكرة أن أي شخص يمكن أن يتذكر ذلك من الأساس. يشير العديد من علماء النفس أنه من المستحيل أن نتذكر الرحم، فرويد على سبيل المثال يعتقد أننا ننسى ذكرياتنا من الرحم ولأن أنفسنا الكبيرة تريد قمع الشهوة والكراهية  التي تكون لدى الأطفال في الحياة الأولى فتنساها،  ومن ناحية أخرى يعتقد العديد من العلماء الحديثين أننا ننسى ذكرياتنا المبكرة بسبب النمو السريع لخلايا الدماغ والقدرة المحدودة على تخزين الذكريات. بحسب موقع فاميلي شير، فمن الممكن لطفلك الذي لم يولد بعد أن يسمعك  فأولاً وقبل كل شيء، من المهم إدراك أن طفلك يمكن أن يسمع لك ويسمع كل ما  تقوله،  فالجزء الداخلي من الإذن و المسؤول عن السمع – "القوقعة" - تكون ناضجة بما فيه الكفاية للسماع  قبل خمسة أسابيع قبل الولادة. وقال طبيب الأعصاب إينو بارتانين: "إذا وضعت يدك على فمك وتحدثتِ، فهذا الصوت يشبه إلى حد بعيد الوضع في الجنين، وما يسمعه طفلك"، لذلك لدى الطفل الذي لم يولد بعد قدرة جيدة جدًا لسماع ما يجري في الخارج. والسؤال هو، هل يمكن أن يتذكر ذلك فعلا بعد ولادته؟ أظهرت نتائج حديثة لدراسة أجراها العلماء من جامعة هلسنكى أن الأطفال يستطيعون أن يتذكروا ما يعيشونه في رحم الأمهات قبل ولادتهم، فقد طلب الباحثون من مجموعة من الأمهات أن يرددن بشكل دوري كلمة "تاتاتا" بينما طلبوا من المجموعة الأخرى "المجموعة الضابطة" ألا يرددوا أي كلمة، وبعد أن ولد أطفال كلتا المجموعتين، واختبروا نشاط الدماغ لدى الأطفال رداً على هذه الكلمة وجدا أن المجموعة الأولى من الأطفال - أولئك الذين سمعوا كلمة "تاتاتا" بينما في أرحام أمهاتهم – سجلوا نشاطا  زائدا في المخ عندما سمعوا تلك الكلمة بينما تلك المجموعة التي لم تتعرض لـ"تاتاتا" لم تسجل أى نشاط في الدماغ عندما سمعوا الكلمة. وتشير هذه التجربة إلى أن ذاكرة الطفل تستمر بعد الرحم، وقد أجريت العديد من التجارب بنتائج مماثلة، فبالمثل أظهرت الدراسات أن الرضع لديهم استجابة أعلى للأغاني سمعت في الرحم من الأغاني غير المألوفة. متى تُشكل الذاكرة؟ يقول الناس إن الأطفال لا يستطيعون تذكر أي شيء قبل سن ثلاث سنوات ولكن هذه  ببساطة طريقة مبسطة للنظر في الذاكرة، في حوالي سن 3 سنوات  فإن مهارات اللغة للطفل تتحسن بشكل كبير، ويغير الآباء طريقة التواصل مع أطفالهم، هذه المحادثات يتأثر بها الأطفال في كيفية رسم ذكرياتهم. في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز، قال الدكتور أولريك نايسر، عالم النفس في جامعة إيموري: " في سن 3 أو 4 سنوات  تجد الأمهات يتحدثن كثيرًا عن الأحداث الماضية للطفل، فيبدأ الطفل بتكوين العديد من الأفكار المسموعة ويخلق الذكريات المسموعة، وهذه هي الطريقة الجديدة في تخزين الذكريات تجعلة ينسي الذكريات السابقة" . يفترض علماء النفس أنه في سن الثالثة تقريبًا، تصبح ذكريات الطفل أكثر تشبهًا للبالغين، وذلك ببساطة بسبب قدرة الطفل على الفهرسة وإطالة الذكريات وتخزينها عن طريق اللغة.